للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما خالف طلحة والزبير (١) عليا رضي الله عنه وأبيا إلا الطلب بدم عثمان وقصدهما علي عليه السلام ليقاتلهما حتى يفيئا إلى أمر الله تسمى من اتبعه على ذلك باسم الشيعة ".

ومنهم من قال: اشتهر اسم الشيعة يوم صفين (٢) ".

وبمثل ذلك القول قال ابن حمزة وأبو حاتم وغيرهما من الشيعة وهذا يؤيد ما ذهبنا إليه وبمثل هذا القول قال ابن حزم في (الفصل) (٣) من المتقدمين وأحمد أمين (٤) وغيره الكثيرون الكثيرون من المتأخرين.

ويقول شيعي معاصر: إن استقلال الاصطلاح الدال على التشيع إنما كان بعد مقتل الحسين حيث إن التشيع أصبح كياناً مميزاً له طابع خاص (٥).

ولأجل ذلك اضطر محسن الأمين إلى أن يقول: سواء كان إطلاق هذا الاسم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم أو بعد الجمل فالقول بتفضيل علي عليه السلام وموالاته الذي هو معنى التشيع كان موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم واستمر بعده إلى اليوم (٦) ".

والمظفري يقول: فكان التجاهر بالتشيع أيام عثمان (٧).

وهو الصحيح (لأن الأسماء لا توجد قبل المسميات) ولا الأحزاب قبل الخلافات فلما وجد الخلاف تحزب لكل رأي حزب وتعصبوا جماعات وفرقاً فآنذاك وجدت الجماعات ووجدت لها الأسماء ولم يكن هناك خلاف بين المسلمين ولم يتعصب له أشخاص قبل مقتل عثمان ذي النورين رضي الله عنه وقبل النتائج التي نتجت من قتله وبعد تولية علي رضي الله عنه إمرة المؤمنين وخلافة المسلمين وعندئذ نشأ الخلاف فمنهم من رأى رأي علي رضي الله عنه وأنصاره, ومنهم من رأى رأي طلحة والزبير ثم رأي معاوية وأتباعه وهناك تحزب حزبان سياسيان كبيران بين المسلمين شيعة علي وشيعة معاوية وكل واحد من هؤلاء يرى رأيه في تولية الحكم وتدبير الأمور ودينهما واحد وعقائدهم واحدة متفقة كما بيناه آنفاً.

نعم كان هناك خلاف قبل شهادة عثمان رضي الله عنه والذي جر إلى قتل عثمان ولكنه لم يكن إلا بين قادة اليهود والمخدوعين المغترين الواقعين في حبائل الدسائس اليهودية الأثيمة وبين المسلمين وإمامهم كما سيأتي بيانه في باب مستقل كما أنه وقعت الخلافات البسيطة الطفيفة ولكنها لم تبق إلا للحظات لرجوع الفريق الثاني إلى كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم امتثالاً لقول الله عز وجل: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً [النساء:٥٩].

وحصيلة البحث أن التشيع الأول لم يكن مدلوله العقائد المخصوصة والأفكار المدسوسة، كما لم تكن الشيعة الأولى إلا حزباً سياسياً يرى رأي علي رضي الله عنه دون معاوية رضي الله عنه في عصر علي. وأما بعد استشهاده وتنازل الحسن عن الخلافة فكانوا مطاوعين لمعاوية أيضاً، مبايعين له، كما حصل مع إمامهم الحسن وأخيه الحسين وقائد عساكره قيس بن سعد، ولم يكن بينهم خلاف ديني ولا نزاع قبلي ولا عصبية الحسب والنسب، وكانوا يفدون على الحكام ويصلون خلفهم، كما كان الحسن والحسين هما ابنا علي وفاطمة وسبطا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفدان على معاوية).

المصدر:الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير - ص١٤


(١) [٩٣٩٧]- ((الفهرست)) لابن النديم (ص ٢٤٩)
(٢) [٩٣٩٨]- ((روضات الجنات)) للخوانساري (ص ٨٨)
(٣) [٩٣٩٩]- ((الفصل في الملل والأهواء والنحل)) (٤/ ٧٩)
(٤) [٩٤٠٠]- ((فجر الإسلام)) (ص٢٦٦ ط ٨)
(٥) [٩٤٠١]- ((الصلة بين التصوف والتشيع)) لكامل مصطفى الشيبي (ص ٢٣).
(٦) [٩٤٠٢]- ((أعيان الشيعة)) القسم الأول الجزء الأول (ص ١٣).
(٧) [٩٤٠٣]- ((تاريخ الشيعة)) لمحمد حسين المظفري (ص ١٥)

<<  <  ج: ص:  >  >>