للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم إن علياً ـ رضي الله عنه ـ خاف من إحراق الباقين منهم شماتة أهل الشام، وخاف اختلاف أصحابه عليه، فنفى ابن سبأ إلى سباط المدائن، فلما قتل علي ـ رضي الله عنه ـ زعم ابن سبأ أن المقتول لم يكن علياً، وإنما كان شيطانا تصور للناس في صورة علي، وأن علياً صعد إلى السماء كما صعد إليها عيسى بن مريم ـ عليه السلام ـ وقال: كما كذبت اليهود والنصارى في دعواها قتل عيسى كذلك كذبت النواصب والخوارج في دعواها قتل علي، وإنما رأت اليهود والنصارى شخصاً مصلوباً شبهوه بعيسى، كذلك القائلون بقتل علي رأوا قتيلا يشبه علياً فظنوا أنه علي، وعلي قد صعد إلى السماء، وأنه سينزل إلى الدنيا وينتقم من أعدائه وزعم بعض السبئية أن علياً في السحاب وأن الرعد صوته والبرق صوته، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين.

وقد روي عن عامر بن شراحيل الشعبي أن ابن سبأ قيل له: إن علياً قد قتل، فقال: إن جئتمونا بدماغه في صرة لم نصدق بموته، لا يموت حتى ينزل من السماء ويملك الأرض بحذافيرها.

وهذه الطائفة تزعم أن المهدي المنتظر إنما هو علي دون غيره، وفي هذه الطائفة قال إسحاق بن سويد العدوي قصيدة بريء فيها من الخوارج والروافض والقدرية منها هذه الأبيات:

برئت من الخوارج لست منهم ... من الغزال منهم وابن باب

ولكني أحب بكل قلبي ... وأعلم أن ذاك من الصواب

رسول الله والصديق حبا ... به أرجو غداً حسن الثواب

... وقال المحققون من أهل السنة: إن ابن السوداء كان على هوى دين اليهود، وأراد أن يفسد على المسلمين دينهم بتأويلاته في علي وأولاده لكي يعتقدوا فيه ما اعتقدت النصارى في عيسى ـ عليه السلام ـ فانتسب إلى الرافضة السبئية حين وجدهم أعرق أهل الأهواء في الكفر ودلس ضلالته في تأويلاته (١).

وذكر هذه وعقائده وجماعته من الشيعة كل من سعد القمي المتوفي ٣٠١هـ (٢) ".

والطوسي شيخ الطائفة. (٣) والتستري في (قاموس الرجال) (٤) وعباس القمي في (تحفة الأحباب) (٥) والخوانساري في (روضات الجنات) (٦) والأصبهاني في (ناسخ التواريخ) وصاحب (روضة الصفا) في تاريخه (٧) ".

كما ذكر عقائده علماء من السنة كالبغدادي في (الفرق بين الفرق) كما مر آنفاً. وبمثل هذا قال الإسفراييني في كتابه (التبصير (٨) والرازي في اعتقادات فرق المسلمين والمشركين (٩) وابن حزم في الفصل وغيرهم.

وقال الشهرستاني تحت عنوان السبئية:

السبئية أصحاب عبد الله بن سبأ الذي قال لعلي ـ عليه السلام: أنت أنت يعني أنت الإله، فنفاه إلى المدائن، وزعموا أنه كان يهودياً فأسلم، وكان في اليهودية يقول في يوشع بن نون وصي موسى مثل ما قال في علي ـ عليه السلام ـ وهو أول من أظهر بالرفض بإمامة علي، ومنه انشعبت أصناف الغلاة، وزعموا أن علياً حي لم يقتل وفيه الجزء الإلهي، ولا يجوز أن يستولى عليه، وهو الذي يجيء في السحاب والرعد صوته والبرق سوطه، وإنه سينزل بعد ذلك إلى الأرض فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جورا، وإنما أظهر ابن سبأ هذه المقالة بعد انتقال علي ـ عليه السلام ـ (١٠) ".


(١) [٩٤٣٣]- ((الفرق بين الفرق)) (ص ٢٣٣ ـ ٢٣٥) ط مصر.
(٢) [٩٤٣٤]- ((المقالات والفرق)) لسعد بن عبد الله الشيعي القمي: (ص ٢١) ط طهران ١٩٦٣م.
(٣) [٩٤٣٥]- ((رجال الطوسي) (ص ٥١) ط نجف ١٩٦١ م.
(٤) [٩٤٣٦]- (٥/ ٤٦٣).
(٥) [٩٤٣٧]- (ص ١٨٤)
(٦) [٩٤٣٨]- ((روضات الجنات))
(٧) [٩٤٣٩]- (٣/ ٣٩٣) ط إيران.
(٨) [٩٤٤٠]- (ص ١٠٨ - ١٠٩)
(٩) [٩٤٤١]- (ص ٥٧) ط دار الكتب العلمية
(١٠) [٩٤٤٢]- ((الملل والنحل)) (٢/ ١١): بهامش (الفصل).

<<  <  ج: ص:  >  >>