للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابن عساكر في (تاريخه) عن جابر قال: لما بويع علي ـ رضي الله عنه ـ خطب الناس فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له: أنت دابة الأرض، فقال له: اتق الله، فقال له: أنت الملك، فقال اتق الله، فقال له: أنت خلقت الخلق وبسطت الرزق، فأمر بقتله، فاجتمعت الرافضة فقالت: دعه وانفه إلى سابط المدائن (١) " ...

وأخيراً ننقل ما كتبه أحمد أمين عنه وعن جماعته:

انتشرت الجماعة السرية في آخر عهد عثمان تدعو إلى خلعه وتولية غيره، ومن هذه الجمعيات من كانت تدعو إلى علي، ومن أشهر الدعاة له عبد الله بن سبأ ـ وكان من يهود اليمن فأسلم ـ فقد تنقل في البصرة والكوفة والشام ومصر يقول: إنه كان لكل نبي وصي، وعلي وصي محمد، فمن أظلم ممن لم يجز وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم ووثب على وصيه، وكان من أكبر الذين ألبوا على عثمان حتى قتل (٢) ".

" وأنه وضع تعاليم لهدم الإسلام، وألف جمعية سرية لبث تعاليمه، واتخذ الإسلام ستاراً يستر به نياته، نزل البصرة بعد أن أسلم ونشر فيها دعوته فطرده واليها، ثم أتى الكوفة فأخرج منها، ثم جاء مصر فالتف حوله ناس من أهلها، وأشهر تعاليمه: الوصاية والرجعة. فأما الوصاية فقد أبناها قبل، وكان قوله فيها أساس تأليب أهل مصر على عثمان، بدعوى أن عثمان أخذ الخلافة من علي بغير حق، وأيد رأيه بما نسب إلى عثمان من مثالب، وأما الرجعة فقد بدأ قوله بأن محمداً يرجع، وكان مما قاله: العجب ممن يصدق أن عيسى يرجع، ويكذب أن محمداً يرجع، ثم نراه تحول ـ ولا ندري لأي سبب ـ إلى القول بأن علياً يرجع. وقال ابن حزم: إن ابن سبأ قال ـ لما قتل علي ـ لو أتيتموني بدماغه ألف مرة ما صدقنا موته، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وفكرة الرجعة هذه أخذها ابن سبأ من اليهودية، فعندهم أن النبي إلياس (عليه السلام) صعد إلى السماء، وسيعود فيعيد الدين والقانون، ووجدت الفكرة في النصرانية أيضاً في عصورها الأولى (٣) ".

فهذا هو عبد الله بن سبأ وهذه دعوته وأفكاره وعقائده، وهذه هي الأفكار التي حملها من اليهودية والمجوسية وغيرها بخطة مدبرة ومؤامرة محكمة من قبل أعداء الله وأعداء رسوله صلى الله عليه وسلم والإسلام وأعداء الأمة وقادتها وأبطالها لبث سمومها بين المسلمين باسم الإسلام. وسوف نرى ونحقق كيف اعتنق الشيعة هذه الأفكار وتمسكوا بهذه العقائد، وكيف تطور التشيع الأول وتغيرت الشيعة الأولى وتسربت فيهم نفس الأفكار التي كان يرد عليها ويعارضها علي ـ رضي الله عنه ـ وكيف توغل في الشيعة من كان يطاردهم ويتبرأ منهم منهم ويؤدبهم ويقتلهم علي، ويلعنهم أبناءه وأولاده.

المصدر:الشيعة والتشيع لإحسان إلهي ظهير - ص٢٩


(١) [٩٤٤٣]- ((تهذيب تاريخ)) ابن عساكر (٧/ ٤٣٠).
(٢) [٩٤٤٤]- ((فجر الإسلام)) (٤ ٣٥).
(٣) [٩٤٤٥]- ((فجر الإسلام)) (ص ٢٦٩ - ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>