للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ - تبني بعض الأمراء والوزراء لمذهب الأشاعرة واحتضان رجالهم له، ومن أبرز هؤلاء: أ- الوزير نظام الملك الذي تولى الوزارة لسلاطين السلاجقة، فتولى الوزارة لألب أرسلان وملكشاة مدة ثلاثين سنة، من سنة ٤٥٥ - ٤٨٥هـ والسلاجقة جاءوا على أثر البويهيين الشيعة الذين كانوا يوالون الدولة الفاطمية الباطنية، ولما استولى السلاجقة على بغداد وقضوا عليهم سنة ٤٤٧هـ لم تمض سنوات قليلة حتى حدثت فتنة البساسيري – أحد القواد الأتراك الموالين لبني بويه – وكان ذلك سنة ٤٥٠هـ، وكان من آثارها أن احتل بغداد وأعلن الخطبة للخليفة المستنصر بالله العلوي العبيدي، وأمر بأن يؤذن بحي على خير العمل، وعزل الخليفة العباسي القائم بأمر الله وكتب عليه عهدا أن لا حق له في الخلافة ولا لبني العباس وأرسل العهد إلى الخليفة الفاطمي في القاهرة، وقد استمرت فتنة البساسيري سنة كاملة حتى قضى عليها السلاجقة وأعيد الخليفة العباسي. لذلك جاءت دولة السلاجقة لتنصر أهل السنة ضد أهل الرفض والبدعة، والوزير نظام الملك من أعظم وزرائهم أثرا وخطرا وكانت له جهود عظيمة في حرب الحركات الباطنية والإسماعيلية وتحدث عنها طويلا في كتابه المشهور (سياست نامة) أو (سير الملوك) (١)، ومن أهم آثاره المدارس النظامية التي أنشئت في مدن عديدة منها: البصرة، وأصفهان، وبلخ، وهراة، ومرو، والموصل، وأهمها وأكبرها المدرسة النظامية في نيسابور وفي بغداد، وقد جعلهما أوقافهما وقفا على أصحاب الشافعي أصلا وفرعا (٢)، وكان نظام الملك معظما للصوفية وللقشيري والجويني وغيرهما من أعلام الأشعرية، وقد كان هؤلاء يلقون دروسهم في هذه المدارس على المذهب الشافعي، ويدرسون أصول العقيدة الأشعرية، فكان لذلك دور عظيم في نشرها (٣).ب- المهدي بن تومرت، مهدي الموحدين، توفي سنة ٥٢٤هـ، فقد دعا إلى المذهب الأشعري وتبناه وكان له دور عظيم في نشره (٤).ج- نور الدين محمود بن زنكي، الذي جاهد الصليبيين، وقد ولد سنة ٥١١هـ وتوفي سنة ٥٦٩هـ (٥)، وكان من آثاره أنه بني أكبر دار للحديث في دمشق ووكل مشيختها إلى ابن عساكر صاحب (تبيين كذب المفتري) (٦)، كذلك أنشأ في حلب سنة ٥٤٤هـ المدرسة النفرية النورية، وكانت للشافعية، وتولى التدريس فيها قطب الدين مسعود بن محمد النيسابوري (٧) وكان أحد أساتذة المدرسة النظامية في نيسابور، وكان أحد أعلام أهل الكلام على المذهب الأشعري، وفي عهد نور الدين بدأت صلة قطب الدين مسعود بصلاح الدين الأيوبي، وتوثقت فيما بعد – كما سيأتي -.


(١) (ص: ٢٣٤ – وما بعدها -)، وانظر عن فتنة البساسيري: ((الكامل)) (٩/ ٦٤٠ - ٦٥٠) و ((التاريخ الفارقي)) (ص: ١٥٢)، و ((تاريخ دولة آل سلجوقي)) (ص: ١٦ - ٢٠)، و ((زبدة التواريخ للحسيني)) (ص: ٥٩ - ٦٣)، و ((سياسة الفاطميين الخارجية)) (ص: ١٧٩).
(٢) انظر: ((المنتظم)) (٩/ ٦٥ - ٦٦)، و ((تاريخ الفكر الفلسفي)) – ((أبو ريان)) (ص: ٢١٣).
(٣) انظر: ((المنتظم)) (٩/ ٦٥)، و ((طبقات السبكي)) (٤/ ٣١٦).
(٤) انظر: ((المعجب صك)) (٢٧٥)، و ((الخطط للمقريزي)) (٢/ ٣٥٨)، و ((ظهر الإسلام)) (٤/ ٩٧ - ٩٨).
(٥) انظر: في ترجمته: ((الكواكب الدرية في السيرة النورية لابن قاضي شهبة)) (ص: ١٥) وما بعدها، ((والروضتين / وما بعدها والتاريخ الباهر)) (ص: ٩٥) وما بعدها.
(٦) انظر: ((التاريخ السياسي والفكري)) (ص: ٢٦١).
(٧) انظر: ((التاريخ السياسي والفكري)) (ص: ٢٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>