للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرد على الوردي والشيبي: أما ما ذهب إليه الوردي وتابعُه الشيبي وغيرهُ بأن عبد الله بن سبأ هو نفسهُ عمار بن ياسر فكُتب الجرح والتعديل والرجال الموثقة عند الشيعة تردُ على هذا القول؛ وذلك أن كتبهم ذكرتْ ترجَمة عمار بن ياسر في أصحاب الإمام علي رضي الله عنه والرواة عنه، وتعدُه من الأركان الأربعة (١) وذكرت ترجمة عبد الله بن سبأ وتذكر اللعنة عليه، وتمدح عماراً فكيف نجمع بين هاتين الترجمتين (٢)؟.

وأما تحريق السبئية فسوف نذكر الأدلة الصحيحة في موقف الإمام منهم.

الدكتور عبد الله فياض وابن سبأ:

وكذلك أنكره الدكتور عبد الله فياض في كتابه (تاريخُ الإمامية وأسلافهم من الشيعة) وهو كتابٌ مطعمٌ بآراء المستشرقين، وكان المشرفُ عليه الدكتور قسطنطين زريق أحد أساتذة دائرةِ التاريخ بالجامعة الأمريكية ببيروت. يقول الدكتور فياض: يبدو أن ابن سبأ كان شخصيةً إلى الخيال أقربُ منها إلى الحقيقةِ، وأن دوره -إن كان له دورٌ- قد بُولغ فيه إلى درجةِ كبيرةٍ لأسباب دينية وسياسية، والأدلةُ على ضعفِ قصةِ ابن السوداء كثيرة (٣) ويستدل بما ذهب إليه مرتضى العسكري اتهام سيف بن عمر البرجمي (ت:١٧٠) باختلاق هذه الشخصية، ويزعُم التناقض والمبالغة في الروايات. ويعززُ موقفهُ برأي الوردي، ومتابعة الشيبي.

طالب الرفاعي وابن سبأ:

ويظهر بعد هؤلاء المدعو طالب الحسيني الرفاعي فيقول في حاشيتهِ على مقدمة محمد باقر لكتاب (تاريخ الإمامية) والتي طبعها تاجُر الكتب الخانجي بالقاهرة سنة ١٣٩٧هـ/ ١٩٧٧م باسم (التشيع ظاهرة طبيعية في إطار الدعوة الإسلامية) على أنه لو كان ابن سبأ هذا حقيقةُ تاريخيةُ ثابتةً فعلاً، فإنه كما سنذكره مفصلاً في مبحثٍ خاص به لا صلة إطلاقاً بين أفكاره وبين ما اشتملت عليه عقيدةُ الشيعة من الوصية لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام؛ لأنها قائمة على روايات في صحاح الفريقين من السنة والشيعةِ كما هي موجودة أيضاً في كتب الفريقين في التفسير والتاريخ وأصول الاعتقاد. ومن ثم فالقول بأن التشيع نتيجةٌ من نتائج الفكرة السبئية –كما يدعي- رأي باطل (٤).

ولا يستغرب هذا الكلام من هذا الرجل الذي زعَم أن أول من قال بالرجعةِ عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ لأنه قال إن الرسول صلى الله عليه وسلم: لم يُمت ولنْ يموتَ، إضافة إلى افتراءاته وضلالاته وتزييفه للحقائق الثابتة الصحيحة.

الرد على الأقوال وعرض لمصادر ترجمة ابن سبأ:

هذه أقوال بعض شيعة العصر الحاضر، وكأنهم لم ينظروا في كتب عقائدهم وفرقهم، ومروياتهم ورجالهم وكتب الجرح والتعديل عندهم.


(١) الأركان الأربعة هم: عمار بن ياسر، وحذيفة بن اليمان، وسلمان الفارسي، وجندب بن جنادة (أبو ذر) الغفاري (فرق الشيعة) (ص ٣٦ - ٣٧ و٤٠) ط (١٩٦٩م) الرابعة.
(٢) انظر: بعض كتبهم مثلاً: ((رجال الطوسي))، (ص ٤٦) (ص ٥١) ((رجال الحلي))، (ص ٤٦٩،٢٥٥) ((أحوال الرجال)) للكشي، و ((قاموس الرجال)) للتستري، و ((تنقيح المقال)) للمامقاني وغير ذلك.
(٣) انظر: ((تاريخ الإمامية وأسلافهم من الشيعة))، (ص ٩٢ - ١٠٠) " (١٩٧٥) مؤسسة الأعلمي.
(٤) انظر: ((التشيع ظاهرة طبيعية))، (ص ٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>