للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد استخدم أئمة الجرح والتعديل من الشيعة هذه التسمية وهي من ألفاظهم في تجريح الرواة. يقول الطوسي وهو أحد الأئمة الأثبات عند الشيعة في ترجمة نصر بن صباح يُكنى أبا القاسم من أهل بلخ – وبلخ في أفغانستان- لقي جلة من كان في عصره من المشايخ والعلماء، وروى عنهم إلا أنه قيل كان من (الطيارة) غالٍ (١). ونصر بن الصباح هذا عده الماماقاني من الأئمة الذين صنفوا في معرفة الرجال – أي عند الشيعة – وقال أي الماماقاني في التعليقة: من تتبع الرجال يظهر عليه أن المشايخ قد أكثروا من النقل عنه على وجه الاعتماد وقد بلغ إلى حد لا مزيد عليه، وذكر له الماماقاني كتاب (معرفة الناقلين) وكتاب (فرق الشيعة) (٢).

٨ - وقال قوم من السبئية بانتقال روح القدس في الأئمة وقالوا: (بتناسخ الأرواح) يقول ابن طاهر المقدسي: ومن الطيارة (أي السبئية) قوم يزعمون أن روح القدس كانت في النبي كما كانت في عيسى ثم انتقلت إلى علي ثم إلى الحسن ثم إلى الحسين ثم كذلك في الأئمة. وعامة هؤلاء يقولون بالتناسخ والرجعة (٣) ولعل كتاب الحسن بن موسى النوبختي المسمي بـ (الرد على أصحاب التناسخ) صنفه النوبختي في الرد عليهم (٤).

٩ - وقالت: السبئية: هُدينا لوحي ضلّ عنه الناس وعلم خفي عنهم. ١٠ - وقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتم تسعة أعشار الوحي، ولقد رد على مقالتهم هذه أحد أئمة أهل البيت وهو الحسن بن محمد بن الحنفية في رسالته التي سماها بـ (الإرجاء) والتي رواها عنه الرجال الثقات عند الشيعة فيقول: ومن قول هذه السبئية هُدينا لوحي ضلّ عنه الناس، وعلمٍ خفي عنهم، وزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله كتم تسعة أعشار الوحي. ولو كتم صلى الله عليه وآله شيئاً مما أنزل الله عليه لكتم شأن امرأة زيد، وقوله تعالى: تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ [التحريم:١] (٥). وقال الحافظ الجورجاني (ت ٢٥٩هـ) عن ابن سبأ: زعم أن القرآن جزء من تسعة أجزاء وعلمه عند علي فنهاه علي بعدما همّ به (٦).١١ - وقالوا: إن علياً في السحاب، وإن الرعد صوته، والبرق سوطه، ومن سمع من هؤلاء صوت الرعد قال: عليك السلام يا أمير المؤمنين (٧) ولقد أشار إلى معتقدهم هذا إسحاق بن سويد العدوي في قصيدة له برئ فيها من الخوارج والروافض والقدرية، منها:

برئتُ من الخوارج لسْتُ منهم ... من الغزّال منهم ابن باب

ومن قومٍ إذا ذكروا عليا ... يُردُّون السّلام على السّحاب (٨)

وعقب الشيخ محيي الدين عبد الحميد –رحمه الله- على هذا المعتقد بقوله: "ولا زلت أرى أطفال القاهرة يجرون وقت هطول الأمطار، ويصيحون في جريهم: (يا بركة علي زودِ) (٩) أقول: ليس الأطفال فقط بل بعض الذين قال الله تعالى فيهم في آخر سورة الشعراء: والشعراء يتبعهم الغاوون [الشعراء:] منهم الشاعر محمد عبد المطلب في قصيدته العلوية التي ألقاها في سنة ١٩١٩م في الجامعة المصرية والتي – القصيدة – جاوزت الأربعمائة بيت:

أجَدّك ما النياق وما سرُاها ... تخوض بها المهامه والأكاما

وما قطرُ الدخان إذا استقلت ... بها النيران تضطرم اضطراما

فهب لي ذات أجنحة لعليّ ... بها ألقى على السُحاب الإماما

وغير ذلك من المقالات والآراء الضالة.

المصدر:ابن سبأ حقيقة لا خيال للدكتور سعد الهاشمي


(١) انظر: ((رجال الطوسي))، (ص ٥١٥).
(٢) انظر: ((مقياس الهداية ملحق تنقيح المقال)) للمامقاني، (ص ١٢١).
(٣) انظر: ((البدء والتاريخ)) (٥/ ١٢٩) (١٩١٦).
(٤) انظر: ((مقدمة فرق الشيعة)) للنوبختي، (١٧) من الطبعة (١٩٦٩م).
(٥) انظر: ((شرح ابن أبي الحديد)) (٢/ ٣٠٩) الطبعة الميمنية (١٣٢٦هـ).
(٦) انظر: ((ميزان الاعتدال)) (٢/ ٤٢٦).
(٧) انظر: ((الفرق بين الفرق))، (ص ٢٣٤) وذكر هذا المعتقد ابن أبي الحديد في ((شرح نهج البلاغة)) (٢/ ٣٠٩).
(٨) انظر: ((الفرق بين الفرق))، (ص ٢٣٤) و ((الكامل في الأدب)) للمبرد (٢/ ١٤٢).
(٩) انظر: ((مقالات الإسلاميين))، (ص ٨٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>