للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦ - ادعى ابن سبأ اليهودي: أن علياً رضي الله عنه هو دابة الأرض, وأنه هو الذي خلق الخلق وبسط الرزق. قال ابن عساكر: "روى الصادق عن آبائه الطاهرين عن جابر قال: لما بُويعَ علي رضي الله عنه خطب الناس فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له: أنت دابة الأرض فقال له: اتق الله، فقال له: أنت الملك. فقال اتق الله, فقال: أنت خلقت الخلق وبسطت الرزق، فأمر بقتله فاجتمعت الرافضةُ فقالت: دَعْهُ وانْفِهِ إلى ساباط المدائن (١).فإن لم يرض القوم برواية الحافظ ابن عساكر نذكر بعض روايات كتبهم .. المعتمدة منها: ما رواه القمي في تفسيره الموثق عندهم، قال القمي: فأما قوله: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً إلى قوله: بآياتنا [النمل:٨٢] فإنه حدثني أبي عن ابن أبي عمير عن أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمير المؤمنين وهو نائم في المسجد قد جمع رملاً ووضع رأسه عليه فحركه برجله ثم قال له: قم يا دابة الله فقال: رجل من أصحابه: يا رسول الله أيسمى بعضنا بعضاً بهذا الاسم؟ فقال: لا والله ما هو إلا له خاصة, وهو الدابة التي ذكر الله في كتابه: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ [النمل:٨٢]، ثم قال: يا علي إذا كان آخر الزمان أخرجك الله في أحسن صورة ومعك ميسم (٢) تسم به أعداءك، فقال رجل لأبي عبد الله عليه السلام: إن الناس يقولون هذه الدابة إنما تكلمهم؟ فقال أبو عبد الله عليه السلام: كلمهم الله في نار جهنم إنما هو يكلمهم من الكلام (٣).

ومنها ما رواه رواتهم الثقات عندهم عن علي رضي الله عنه أنه قال: "ولقد أعطيت الست علم المنايا والبلايا والوصايا وفصل الخطاب، وإني لصاحبُ الكرّات –أي الرجعات إلى الدنيا- ودولة الدول، وإني لصاحبُ العصا والميسم، والدابة التي تكلم الناس".

وروى علي بن إبراهيم بن هاشم في تفسيره عن أبي عبد الله رضي الله عنه قال: قال رجل لعمار بن ياسر، يا أبا اليقظان آية في كتاب الله أفسدت قلبي، قال عمار: وأية آية هي، فقال: هذه الآية –أي: وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآَيَاتِنَا لا يُوقِنُونَ [النمل:٨٢]. فأية دابة الأرض هذه؟ قال عمار: والله ما أجلس ولا آكل ولا أشرب حتى أريكها، فجاء عمار مع الرجل إلى أمير المؤمنين رضي الله عنه وهو يأكل تمراً وزبداً فقال: يا أبا اليقظان هلم، فجلس عمار يأكل معه فتعجب الرجل منه فلما قام عمار قال الرجل: سبحانه الله حلفت أنك لا تأكل ولا تشرب حتى ترينيها، قال عمار: أريتكها إن كنت تعقل (٤).٧ - وقالت السبئية: إنهم لا يموتون وإنما يطيرون بعد مماتهم وسموا بـ (الطيارة) يقول ابن طاهر المقدسي: وأما السبئية فإنهم لهم الطيارة يزعمون أنهم لا يموتون وإنما موتهم طيران نفوسهم في الغلس (٥).


(١) انظر: ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر مخطوط نسخة من مصورة في معهد المخطوطات في جامعة الدول العربية، رقم (٦٠٢ تاريخ) و ((تهذيب تاريخ دمشق)) (٧/ ٤٣٠).
(٢) الميسَم: المكواة أو الشيء الذي يُوسم به الدّواب. انظر: ((تهذيب اللغة)) (١٣/ ١١٤) و ((القاموس المحيط)) (٤/ ١٨٨).
(٣) انظر: ((تفسير القمي)) (٢/ ١٣٠/١٣١).
(٤) انظر: ((مجمع البيان في تفسير القرآن)) لأبي علي الفضل بن الحسن الطبرسي من علماء الإمامية في القرن السادس، (٤/ ٢٣٤) ((العرفان صيدا)) (١٣٥٥هـ/١٩٣٧م) و ((تفسير القمي)) (٢/ ١٣١).
(٥) انظر: ((البدء والتاريخ)) (٥/ ١٢٩) ط (١٩١٦م).

<<  <  ج: ص:  >  >>