للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد جابه عليّ رضي الله عنه القسم الأول فقاتلهم بعد أن ناظرهم وأخباره معهم معروفة مسرودة في كتب التاريخ، ونريد أن نرى موقفه هو وأهل بيته من ابن سبأ وأتباعه. لما أعلن ابن سبأ إسلامه وأخذ يظهر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويكسب قلوب فريق من الناس إليه, أخذ يتقرب من علي بن أبي طالب ويظهر محبته له فلما اطمأن لذلك أخذ يكذب ويفتري على عليّ بن أبي طالب نفسه, قال عامر الشعبي –وهو أحد كبار التابعين توفي ١٠٣هـ: أول من كذب عبد الله بن سبأ, وكان ابن السوداء يكذب على الله ورسوله وكان عليّ يقول مالي ولهذا الحميت الأسود (والحميت هو المتين من كل شيء) (١) يعني ابن سبأ وكان يقع في أبي بكر وعمر (٢). وروى ابن عساكر أيضاً: أنه لما بلغ علي بن أبي طالب أن ابن السوداء ينتقص أبابكر وعمر دعا به، ودعا بالسيف وهمّ بقتله، فشفع فيه أناس فقال: والله لا يُساكنني في بلد أنا فيه، فسيره إلى المدائن (٣).وقال ابن عساكر أيضاً: روى الصادق –وهو أبو عبد الله جعفر بن محمد الصادق ولد سنة ٨٣هـ في المدينة المنورة وتوفي فيها سنة ١٤٨هـ - وهو الإمام السادس المعصوم عند الشيعة، روى عن آبائه الطاهرين، عن جابر قال: لما بويع علي رضي الله عنه خطب الناس فقام إليه عبد الله بن سبأ فقال له أنت دابة الأرض (٤) فقال له: اتق الله، فقال له: أنت الملك، فقال: اتق الله، فقال له: أنت خلقت الخلق وبسطت الرزق، فأمر بقتله فاجتمعت الرافضة فقالت: دعه وانفِه إلى ساباط المدائن فإنك إن قتلته بالمدينة – يعني الكوفة – خرج أصحابه علينا وشيعته, فنفاه إلى ساباط المدائن فثم القرامطة والرافضة، أي كانت بعد ذلك وبجهود ابن سبأ مركزاً يتجمعون فيه، قال: أي جابر – ثم قامت إليه طائفة وهم السبئية وكانوا أحد عشر رجلاً قال: ارجعوا فإني علي بن أبي طالب أبي مشهور وأمي مشهورة وأنا ابن عم محمد صلى الله عليه وسلم، فقالوا: لا نرجع دع داعيك، فأحرقهم في النار وقبورهم في صحراء أحد عشر مشهورة، فقال: من بقي ممن لم يكشف رأسه منهم علنا أنه إله، واحتجوا بقول ابن عباس: لا يعذب بالنار إلا خالقها (٥).


(١) انظر: ((القاموس المحيط)) (١/ ١٥٢) ط (١٩٥٢) القاهرة.
(٢) انظر: ((تاريخ دمشق)) المخطوطة المصورة في معهد المخطوطات رقم (٦٠٢ تاريخ) في ترجمة عبد الله بن سبأ، وانظر: ((تهذيب تاريخ)) ابن عساكر (٧/ ٤٣٠).
(٣) انظر: ((تهذيب تاريخ)) ابن عساكر (٧/ ٤٣٠).
(٤) يشير إلى الآية الكريمة.
(٥) ((تاريخ دمشق)) لابن عساكر المخطوط، وانظر: ((تهذيب تاريخ)) ابن عساكر (٧/ ٤٣٠ - ٤٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>