للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مجمل عقيدته ومنهجه، ودوره في تطوير المذهب الأشعري:١ـ يبتدئ الباقلاني كتبه بالحديث عن المقدمات حول حقيقة العلم ومعناه، فيذكر أن حده "معرفة المعلوم على ما هو به" (١)، ثم يقسم العلوم إلى قسمين: علم الله القديم، وعلم الخلق، ويقسم علم الخلق إلى علم اضطرار وعلم نظر واستدلال، ثم يشرح ذلك، ثم يذكر الاستدلال فيعرفه، ثم يعرف الدليل ويقسمه إلى ثلاثة أقسام: عقلي، وسمعي شرعي، ولغوي. ثم يذكر أقسام المعلومات وأنها قسمان: معدوم وموجود ولا ثالث لهما.

ثم يقسم الموجودات ويقول: إنها ضربين: قديم لم يزل ومحدث لوجوده على أول، ثم يقسم المحدثات إلى ثلاثة أقسام: جسم مؤلف، وجوهر منفرد، وعرض موجود بالأجسام والجواهر.

فالباقلاني يقول بالجوهر الفرد ويدلل على إثباته بـ "علمنا بأن الفيل أكبر من الذرة، فلو كان لا غاية لمقادير الفيل ولا لمقادير الذرة لم يكن أحدهما أكثر مقادير من الآخر، ولو كان كذلك لم يكن أحدهما أكبر من الآخر".

كما يرى الباقلاني أن الأعراض لا يصح بقاؤها فهي لا تبقى زمانين.

٢ـ ويرى أن أول الواجبات النظر فيقول: "أول ما فرض الله عز وجل على جميع العباد: النظر في آياته والاعتبار بمقدوراته والاستدلال عليه بآثار قدرته، وشواهد ربوبيته؛ لأنه سبحانه غير معلوم باضطرار، ولا مشاهد بالحواس، وإنما يعلم وجوده وكونه على ما تقتضيه أفعاله بالأدلة القاهرة، والبراهين الباهرة".

٣ـ يذكر دليل حدوث العالم، ويستدل لذلك بدليل حدوث الأجسام ويبنيه على دليل ثبوت الأعراض، فيذكر دليل ثبوت الأعراض، ثم يذكر أنها حادثة، ويستدل على ذلك ببطلان الحركة عند مجيء السكون، ثم يذكر دليل حدوث الأجسام وهو أنها لم تسبق الحوادث، ولم توجد قبلها، وما لم يسبق المحدث، ويفصل القول في ذلك. والباقلاني يرى ضرورة دليل حدوث الأجسام، وأن الأشعري لا يرى هذا الدليل ضرورياً وأن الرسل لم تدع إليه، وذلك في (رسالته إلى أهل الثغر)، لكن الباقلاني في شرحه لـ (اللمع) - للأشعري - يفسر كلامه في إثبات الصانع واستدلاله على ذلك بالنطفة وتغيرها وانتقالها من حال إلى حال فيقول: "اعلم أن هذا الذي ذكره هو المعول عليه في الاستدلال على حدوث الأجسام ... " (٢)، ويرى الباقلاني أن الخليل عليه السلام احتج بهذا الدليل في قوله: هَذَا رَبِّي [الأنعام:٧٦]، والآيات بعدها.

٤ـ ويحتج لإثبات الصانع بأن الكتابة لا بد لها من كاتب، ولا بد للصورة من مصور، وللبناء من بان، ويستدل أيضاً بوجود المحدثات متقدمة ومتأخرة مع صحة تأخر المتقدم وتقدم المتأخر، كما يحتج لإثبات وحدانيته بدليل التمانع ويحتج له بقوله تعالى: لَوْ كَانَ فِيهِمَا آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا [الأنبياء: ٢٢].

٥ـ أما رأيه في الصفات فيمكن توضيحه كما يلي:


(١) ((التمهيد)) (ص ٦) و ((الحرة)) (ص١٣).
(٢) ((شرح اللمع)) عن ((الدرء)) لابن تيمية (٨/ ٣١٥) وانظر ((التمهيد)) (ص ٤٨،٤٩، ٣٠١)، ((الحرة)) (ص٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>