وقالت الفرقة الرابعة: إن الإمام بعد الحسن هو جعفر، وأن الإمامة صارت إليه من قبل أبيه، لا من قبل أخيه محمد ولا من قبل الحسن. ولم يكن محمد إماما، ولا الحسن أيضاً، لأن محمدا توفي في حياة أبيه، وتوفي الحسن ولا عقب له، وكان مدعيا مبطلا، والدليل على ذلك أن الإمام لا يموت حتى يوصي ويكون له خلف، والحسن قد توفي ولا وصي له، ولا ولد، فادعاؤه الإمامة باطل، والإمام لا يكون من لا خلف له ظاهر معروف مشار إليه، ولا يجوز أيضاً أن تكون الإمامة في الحسن وجعفر لقول أبي عبدالله جعفر بن محمد وغيره من آبائه صلوات الله عليهم أن الإمامة لا تكون في أخوين بعد الحسن والحسين عليهما السلام، فدلنا ذلك على أن الإمامة لجعفر، وأنها صارت إليه من قبل أبيه لا من قبل أخويه.
أما الفرقة الخامسة: فإنها رجعت إلى القول بإمامة محمد بن علي المتوفي في حياة أبيه، وزعمت أن الحسن وجعفر ادعيا ما لم يكن لهما، وأن أباهما لم يشر إليهما بشيء من الوصية والإمامة. ولا روي عنه في ذلك شىء أصلا، ولا نص عليهما بشيء يوجب إمامتهما، ولا هما في موضع ذلك وخاصة جعفر: فإن فيه خصالا مذمومة، وهو بها مشهور، ولا يجوز أن يكون مثلها في إمام عدل. وأما الحسن فقد توفي ولا عقب له، فعلمنا أن محمدا كان الإمام، قد صحت الإشارة من أبيه إليه، والحسن قد توفي ولا عقب له، ولا يجوز أن يموت إمام بلا خلف، ثم رأينا جعفر في حياة الحسن وبعد مضيه، ظاهر الفسق، غير صائن لنفسه، معلنا بالمعاصي، وليس هذا صفة من يصلح للشهادة على درهم، فكيف يصلح لمقام النبي صلى الله عليه وسلم وآله، لأن الله عز وجل لم يحكم بقول شهادة من يظهر الفسق والفجور، فكيف يحكم له بإثبات الإمامة مع عظم فضلها وخطرها وحاجة الخلق إليها. وإذ هي السبب الذي يعرف به دينه ويدرك رضوانه، فكيف تجوز في مظهر الفسق، وإظهار الفسق لا يجوز تقية، هذا ما لايليق بالحكيم عز وجل، ولا يجوز أن ينسب إليه تبارك وتعالى، فلما بطل عندنا أن تكون الإمامة تصلح لمثل جعفر، وبطلت عمن لا خلف له، لم يبق إلا التعلل بإمامة أبي جعفر محمد بن علي أخيهما، إذ لم يظهر منه إلا الصلاح والعفاف، وإن له عقبا قائما معروفا، مع ما كان من أبيه من الإشارة بالقول مما لا يجوز بطلان مثله، فلابد من القول بإمامته وأنه القائم المهدي، أو الرجوع إلى القول ببطلان الإمامة أصلا، وهذا مما لايجوز.
وقالت الفرقة السادسة: إن لحسن بن علي ابنا سماه محمدا، ودل عليه، وليس الأمر كما زعم من ادعى أنه توفي ولا خلف له، وكيف يكون إمام قد ثبتت إمامته ووصيته، وجرت أموره على ذلك، وهو مشهور عند الخاص والعام، ثم توفي ولا خلف له، ولكن خلفه قائم وولد قبل وفاته بسنين، وقطعوا على إمامته وموت الحسن، وأن اسمه محمد، وزعموا أن أباه أمر بالاستتار في حياته مخافة عليه، فهو مستتر خائف في تقية من عمه جعفر وغيره من أعدائه وأنها إحدى غيباته، وأنه هو الإمام القائم، وقد عرف في حياة أبيه ونص عليه، ولا عقب لأبيه غيره، فهو الإمام لا شك فيه.