للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قبول رواية الإمامي غير ثابت العدالة، ورفض رواية غير الإمامي كائناً من كان، وبالغاً ما بلغ من العدالة والتقوى والورع. قبول رواية الإمامي الممدوح المقدوح أحياناً بشرط ألا يكون القدح بفساد المذهب، وفساد المذهب يعني الخروج عن الخط الجعفري: فهذا قدح لا يغتفر (١). ويأتي بعد الحسن الموثق، وهو: " ما اتصل سنده إلى المعصوم بمن نص الأصحاب على توثيقه، مع فساد عقيدته، بأن كان من أحد الفرق المخالفة للإمامية، وإن كان من الشيعة، مع تحقق ذلك في جميع رواة طريقه أو بعضهم مع كون الباقين من رجال الصحيح " (٢).

وهذا التعريف يفيد اشتراط ما يأتي:

اتصال السند إلى المعصوم.

أن يكون الرواة غير إماميين، ولكنهم موثقون من الجعفرية على وجه الخصوص.

أو يكون بعضهم كذلك، والآخرون من رجال الصحيح، حتى لا يدخله ضعف آخر، فيكفي أن دخل في الطريق من ليس بإمامي.

وأثر عقيدة الإمامة هنا يبدو فيما يأتي:-

جعل الموثق بعد الصحيح والحسن لوجود غير الجعفرية في السند.

التوثيق لا يكون إلا من الجعفرية أنفسهم، ولذلك قال صاحب (ضياء الدراية): " توثيق المخالف لا يكفينا، بل الموثق عندهم ضعيف عندنا، والمدار في الموثق إنما هو توثيق أصحابنا ".

ويوضح الماماقاني توثيق أصحابه بقوله: " يمكن معرفة غير الإمامي الموثق بأن يكون الإمام قد اختاره لتحمل الشهادة أو أدائها، في وصية، أو وقف، أو طلاق، أو محاكمة، أو نحوها، أو ترحم عليه أو ترضاه، أو أرسله رسولاً إلى خصم له أو غير خصمه، أو ولاه على وقف أو على بلدة، أو اتخذه وكيلاً، أو خادماً ملازماً، أو كاتباً، أو أذن له في الفتيا والحكم أو أن يكون من مشايخ الإجازة أو تشرف برؤية الإمام الثاني عشر الحجة المنتظر أو نحو هذا " (٣).

فالتوثيق إذن لا يخرج عن النطاق الجعفري الاثني عشري.

مع هذا النوع من التوثيق لا يدخل السند مع الموثقين إلا رجال الصحيح، وعلى الرغم من ذلك يبقى هذا القسم في المرتبة الثالثة. وبعد الموثق يأتي: الضعيف، وهو " ما لم يجتمع فيه شرط أحد الأقسام السابقة، بأن اشتمل طريقة على مجروح بالفسق ونحوه، أو على مجهول الحال، أو ما دون ذلك كالوضاع " (٤).

وفي الحديث عن الصحيح رأينا كيف أنهم اعتبروا غير الجعفري كافراً أو فاسقاً فروايته ضعيفة غير مقبولة. ولا تقبل من غير الجعفري إلا من نال توثيق الجعفرية.

وعلى هذا الأساس يرفضون الأحاديث الثابتة عن الخلفاء الراشدين الثلاثة وغيرهم من أجلاء الصحابة، والتابعين، وأئمة المحدثين والفقهاء، ما داموا لا يؤمنون بعقيدة الإمامية الاثني عشرية. فالروايات التي يدخل في سندها أي من هؤلاء الصديقين الصالحين الأئمة الأعلام الأمناء، تعتبر روايات ضعيفة في نظر هؤلاء القوم الذين لا يكادون يفقهون حديثا.

المصدر:مع الشيعة الاثني عشرية في الأصول والفروع لعلي السالوس - ص٧٠٥


(١) انظر في ألفاظ الذم والقدح، والمذاهب الفاسدة في نظر الجعفرية: ((ضياء الدراية)): (ص ٥٠: ٥٣).
(٢) ((مقباس الهداية)): (ص ٣٥)، وراجع ((ضياء الدراية)): (٢٤ - ٢٥).
(٣) انظر: ((تنقيح المقال)): (ص ٢١٠ ـ ٢١١).
(٤) ((مقباس الهداية)): (٣٥)، وراجع ((ضياء الدراية)): (ص ٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>