للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هو عبد بن طاهر بن عبد الله، أبو منصور البغدادي، التميمي، لم يحدد تاريخ ولادته، لكن المعروف عنه أنه ولد في بغداد ونشأ بها، ثم رحل مع أبيه إلى نيسابور، حيث تتلمذ على يد أبي إسحاق الإسفراييني، وكان من أبرز شيوخه، ومنهم أيضاً، إسماعيل بن نجيد، وأبو عمرو محمد بن جعفر بن مطر، وأبو بكر الإسماعيلي، وأبو أحمد بن عدي وغيرهم.

وقد مدحه العلماء - خاصة علماء الأشاعرة - كابن عساكر والرازي والسبكي، وقال فيه شيخ الإسلام أبو عثمان الصابوني: "كان من أئمة الأصول، وصدور الإسلام، بإجماع أهل الفضل والتحصيل، بديع الترتيب، غريب التأليف والتهذيب، تراه الجلة صدراً مقدماً، وتدعوه الأئمة إماماً مُفخّماً، ومن خراب نيسابور اضطرار مثله إلى مفارقتها"، قال السبكي " قلت: فارق نيسابور بسبب فتنة وقعت بها من التركمان"، وكان استقراره آخر أمره في إسفراين حيث لم يبق فيها إلا يسيرا، فمات بها سنة ٤٢٩هـ ودفن بجانب شيخه أبي إسحاق الإسفراييني.

منهج البغدادي ودوره في تطور المذهب الأشعري:

البغدادي أحد أعلام الأشاعرة في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس حيث كانت وفاته سنة ٤٢٩هـ، وهو يمثل تقريباً مرحلة كل من الباقلاني - ت ٤٠٣هـ- وابن فورك - ت ٤٠٦هـ- وإن تأخر عنهما قليلاً، لكنه مثلاً يلتقي مع ابن فورك بكونهما شيخين للبيهقي، كما أنه يذكره في كتابه (أصول الدين)، ويذكر الباقلاني أيضاً، ويصفه بقوله: "قال قاضينا"، كما أن البغدادي ذكر أنه أدرك أبا عبد الله بن مجاهد، تلميذ أبي الحسن الأشعري.

والبغدادي يميزه كتبه خاصة "أصول الدين" إنه ينقل أقوال أصحابه من الكلابية والأِشعرية، ويذكر الخلاف بينهم إن وجد، لذلك فقد يتبادر إلى الناظر أنه مقلد للأشاعرة، وممن رأى هذا الرأي عبد الرحمن بدوي الذي قال: "لقد كان عبد القاهر البغدادي - بحسب ما لدينا من مؤلفاته - عارضاً لآراء الأشاعرة أكثر من مفكراً أصيلاً، ذا آراء انفرد بها، أو براهين جديدة ساقها"، وهذا الكلام فيه شيء من الحق لكن البغدادي - كما سيأتي - له ترجيحات خاصة تعتبر بمثابة منعطف في تطور المذهب الأشعري، صحيح أنه في غالب المسائل مقلد لشيوخه، لكن ليس فيها كلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>