ولكن القوم كيف يرضيهم هذا؟ فقال كبيرهم المجلسي (وقل من يوجد مثل المجلسي جريئاً في السباب والشتائم وهو لا يذكر صاحباً من أصحاب النبي إلا ويلعنه ويفسقه ويكفره، وقد كتب في بحث فدك أن أبا بكر لما طلب الشهود من فاطمة على أن فدك لها قال له علي: أتطلب الشهود؟ هل الشهود كل شيء؟ قال: نعم، فقال له علي: إن شهد الشهود بأن فاطمة زنت ماذا تعمل؟ قال: أقيم عليها الحد كما أقيم على سائر الناس (عياذاً بالله)(حق اليقين) للمجلسي (ص١٩٣) فانظر جرأته وتسرعه كيف يتكلم، ولا يستحي؟): إن من المصيبة العظمى والداهية الكبرى غصب أبي بكر وعمر فدك من أهل بيت الرسالة .... وإن القضية الهائلة أن أبا بكر لما غصب الخلافة عن أمير المؤمنين، وأخذ البيعة جبراً من المهاجرين والأنصار (؟) وأحكم أمره طمع في فدك خوفاً منه بأنها لو وقعت في أيديهم يميل الناس إليهم بالمال، ويتركون هؤلاء الظالمين (يعني أبا بكر ورفاقه) فأراد إفلاسهم حتى لا يبقى لهم شيء، ولا يطمع الناس فيهم وتبطل خلافتهم الباطلة، ولأجل ذلك وضعوا تلك الرواية الخبيثة المفتراة: نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركناه صدقة" (حق اليقين) فارسي للملا مجلسي (ص١٩١) تحت "مطاعن أبي بكر").
وقد سلك مسلكه كثيرون وكم هم؟ كي ينبشوا الضغائن التي لم يكن لها وجود في العالم، ولكن بلهاء القوم لم يعرفوا أن البيت الذي نسجوه كان بيت العنكبوت ولا يبقى أمام عاصفة الحق.
فالرواية التي ردوها هذا حسداً ونقمة على الصديق لم يعلموا أن إمامهم الخامس المعصوم رواها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي كتابهم أنفسهم، نعم! في كتابهم (الكافي) الذي يعدونه من أصح الكتب ويقولون فيه: إنه كاف للشيعة، يروي الكليني في هذا الكافي عن حماد بن عيسى عن القداح عن أبي عبيد الله عليه السلام قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سلك طريقاً يطلب فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة .. وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن ورثوا العلم، فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر" (الأصول من الكافي) كتاب فضل العلم، باب العالم والمتعلم (١/ ٣٤).
ورواية أخرى أن جعفر أبا عبد الله قال: إن العلماء ورثة الأنبياء، وذاك أن الأنبياء لم يورثوا درهماً ولا ديناراً، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم" (الأصول من الكافي) باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء (١/ ٣٢).
فماذا يقول المجلسي ومن شاكله في هذا؟ وفي الفارسية بيت من الشعر إن كانت هذه جريمة ففي مدينتكم ترتكب أيضاً.
وهناك روايتان غير هذه الرواية رواهما صدوق القوم تؤيد هذه الرواية وتؤكدها وهي:
"عن إبراهيم بن علي الرافعي، عن أبيه، عن جدته بنت أبي رافع قالت: أتت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنيها الحسن والحسين عليهما السلام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شكواه الذي توفي فيه، فقالت: يا رسول الله هذان ابناك فورّثهما شيئاً قال: أما الحسن فإن له هيبتي وسؤددي وأما الحسين فإن له جرأتي وجودي" كتاب (الخصال) للقمي (ص٧٧).
والرواية الثانية: "قالت فاطمة عليها السلام: يا رسول الله! هذان ابناك فانحلهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما الحسن فنحلته هيبتي وسؤددي, وأما الحسين فنحلته سخائي وشجاعتي" كتاب (الخصال) للقمي (ص٧٧).