ثم وأراد المجلسي وغيره، وهم كثيرون من القوم أن يثبتوا أن أبا بكر ورفاقه لم يعملوا هذا إلا لأن يفلسوا علياً وأهل البيت كيلا يجلب الناس إليهم بالمال والمنال، فيا عجباً على القوم وعقولهم هل هم يظنون علياً وأهل بيته أمثال طلاب الحكم والرئاسة في هذه العصور المتأخرة بأنهم يطلبونها بالمال والرشى، وإن كانت القضية هكذا فالمال كان متوفراً عندهم لأن الكليني يذكر ويروي عن أبي الحسن - الإمام العاشر عند القوم - أن الحيطان السبعة كانت وقفت على فاطمة عليها السلام وهي: (١) الدلال (٢) والعوف (٣) والحسنى (٤) والصافية (٥) وما لام إبراهيم (٦) والمثيب (٧) والبرقة" كتاب الوصايا (الفروع من الكافي) (٧/ ٤٧، ٤٨).
فهل من يملك العقارات السبعة ينقصه من المال شيء؟
ثم وهل يظنون النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يجعل أموال الدولة أمواله وملكه؟ وهذا ما لا يرضاه العقل، وحتى هذا العصر، عصر السلب والنهب، وعصر اللامبالاة وعدم التمسك بالدين، ففي مثل هذا العصر إن الملوك والحكام لو استولوا على بقعة من بقاع الأرض، أو فتحوها لا يجعلونها ملكاً لهم دون غيرهم، بل يجعلونها ملكاً للدولة يتصرفون فيها في مصالح الرعية وشئون العامة والخاصة، فهل كان الرسول فداه أبواي وروحي صلى الله عليه وسلم في نظر القوم ممن يؤثرون أنفسهم على الناس؟ سبحان الله ما هذا إلا إفك مفترى، والرسول العظيم الرؤوف الرحيم بريء ورفيع من هذا.
وهناك شيء آخر وهو إن كانت أرض فدك ميراث رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تكن السيدة فاطمة رضي الله عنها وريثة وحيدة لها، بل كانت ابنتا الصديق والفاروق وارثتين أيضاً فحرم الصديق والفاروق ابنتيهما كما حرما فاطمة، ثم وعباس عم النبي كان حياً وهو من ورثته بلا شك.
وثالثاً - إن المعترضين من الشيعة لا يعرفون بأن في مذهبهم لا ترث المرأة من العقار والأرض شيئاً، فلقد بوّب محدثوهم أبواباً مستقلة في هذا الخصوص، فانظر إلى الكليني، فإنه بوّب باباً مستقلاً بعنوان "إن النساء لا يرثن من العقار شيئاً" ثم روى تحته روايات عديدة.
"عن أبي جعفر - الإمام الرابع المعصوم عند القوم - قال: النساء لا يرثن من الأرض ولا من العقار شيئاً" (الفروع من الكافي) كتاب المواريث (٧/ ١٣٧).
وروى الصدوق ابن بابويه القمي في صحيحه (من لا يحضره الفقيه) عن أبي عبد الله جعفر - الإمام الخامس عندهم - أن ميسرا قال: سألته (أي جعفر) عن النساء ما لهن من الميراث؟ فقال: فأما الأرض والعقارات فلا ميراث لهن فيه" (الفروع من الكافي) كتاب الفرائض والميراث (٤/ ٣٤٧).
ومثل هذه فإنها لكثيرة، وقد ذكروا على عدم الميراث في العقارات والأراضي اتفاق علمائهم (انظر لذلك كتب القوم في الفقه). فما دامت المرأة لا ترث العقار والأرض فكيف كان لفاطمة أن تسأله فدك – حسب قولهم – وهي عقار لا ريب فيها، لا يختلف فيها اثنان، ولا يتناطح فيها كبشان.
وأما إغضاب الصديق فاطمة والقول بأنها رجعت ولم تكلمه حتى ماتت.
نعم! إنها رجعت عن القول بوراثة فدك، ولم تكلمه في هذا الموضوع حتى آخر حياتها.
وأما غصب حقوقها فها هو المجلسي وهو على تعنّفه وتعنّته يضطر إلى أن يقول: