وذكر مثل ذلك المجلسي في كتابه (حياة القلوب) قال: ((لما وصل الخبر إلى رسول الله بأن عثمان قتله المشركون. قال الرسول: لا أتحرك من ههنا إلا بعد قتال من قتلوا عثمان فاتكأ بالشجرة، وأخذ البيعة لعثمان))، ثم ذكر القصة بتمامها. هنالك وآنذاك نزلت الآية لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا [الفتح:١٨] وأيضاً إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ [الفتح:١٠] (حياة القلوب) (٢/ ٤٢٤) ط طهران).
فهذا هو الإمام الشهيد المظلوم الثالث رضي الله عنه وأرضاه.
مبايعة علي له
وكان علي يرى صحة إمامته وخلافته لاجتماع المهاجرين والأنصار عليه، وكان يعد خلافته من الله رضى، ولم يكن لأحد الخيار أن يرد بيعته بعد ذلك، أو ينكر إمامته حاضراً كان أم غائباً كما قال في إحدى خطاباته رداً على معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: إنما الشورى للمهاجرين والأنصار، فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان لله رضى، فإن خرج عن أمرهم خارج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه، فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين وولاه الله ما تولى" (نهج البلاغة) (ص٣٦٨) تحقيق صبحي).
وكان هو أحد الستة الذين عينهم الفاروق ليختار منهم خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، ولما بايعه عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه بعد ما استشار أهل الحل والعقد من المهاجرين والأنصار، ورأى بأنهم لا يريدون غير عثمان بن عفان رضي الله عنه بايعه أول من بايعه، ثم تبعه علي بن أبي طالب رضي الله عنه:
"فأول من بايع عثمان عبد الرحمن بن عوف ثم علي بن أبي طالب" (طبقات ابن سعد) (٣/ ٤٢) ط ليدن، أيضاً "البخاري" باب قصة البيعة والاتفاق على عثمان بن عفان).
ويذكر ذلك على المرتضى رضي الله عنه بقوله: لما قتل (يعني الفاروق) جعلني سادس ستة، فدخلت حيث أدخلني، وكرهت أن أفرق جماعة المسلمين وأشق عصاهم فبايعتم عثمان فبايعته" (الأمالي) للطوسي (٢ الجزء١٨ ص١٢١ ط نجف).
وقال: لقد علمتم أني أحق الناس بها من غيري، والله لأسلمن ما سلمت أمور المسلمين، ولم يكن فيها جور إلا على خاصة التماساً لأجر ذلك وفضله" (نهج البلاغة) تحقيق صبحي صالح (ص١٠٢).
وكتب تحته ابن أبي الحديد المعتزلي الشيعي في شرحه أن عبد الرحمن بن عوف قال لعلي:
بايع إذاً وإلا كنت متبعاً غير سبيل المؤمنين ..... فقال: لقد علمتم أني أحق بها من غيري ..... ثم مد يده فبايع" ابن أبي الحديد، أيضاً (ناسخ التواريخ) (٢ كتاب ٢ ص٤٤٩ ط إيران).
وكان من المخلصين الأوفياء له، مناصحاً: مستشاراً، أو قاضياً كما كان في خلافة الصديق والفاروق، ولقد بوب محدثو الشيعة ومؤرخوها أبواباً مستقلة ذكروا فيها أقضيته في خلافة ذي النورين رضي الله عنهم أجمعين.
ولقد ذكر المفيد في (الإرشاد) تحت عنوان "قضايا علي في زمن إمارة عثمان" ذكر فيها عدة قضايا حكم بها علي ونفذها عثمان رضي الله عنه فيقول: