إن امرأة نكحها شيخ كبير فحملت، فزعم الشيخ أنه لم يصل إليها وأنكر حملها، فالتبس الأمر على عثمان، وسأل المرأة هل افتضك الشيخ؟ وكانت بكراً قالت: لا، فقال عثمان: أقيموا عليها الحد، فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن للمرأة سمين سم للمحيض وسم للبول، فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم المحيض، فحملت منه، فاسأل الرجل عن ذلك؟ فسئل، فقال: قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض فقال أمير المؤمنين عليه السلام: الحمل له والولد ولده، ورأى عقوبته على الإنكار فصار عثمان إلى قضائه بذلك وتعجب منه" (الإرشاد) (ص١٢٢، ١١٣) ط مكتبة بصيرتي قم، إيران).
وأيضا "إن رجلاً كانت له سرية فأولدها ثم اعتزلها وأنكحها عبداً له ثم توفي السيد فعتقت بملك ابنها لها وورث ولدها زوجها، ثم توفي الابن فورثت من ولدها زوجها فارتفعا إلى عثمان يختصمان تقول: هذا عبدي ويقول: هي امرأتي، ولست مفرجاً عنها، فقال عثمان: هذه مشكلة وأمير المؤمنين حاضر فقال عليه السلام: سلوها هل جامعها بعد ميراثها له؟ فقالت: لا، فقال: لو أعلم أنه فعل ذلك لعذبته، اذهبي فإنه عبدك، ليس له عليك سبيل، إن شئت أن تسترقيه أو تعتقيه أو تبيعه فذلك لك" (الإرشاد) (ص١١٣).
وروى الكليني في صحيحه عن أبي جعفر محمد الباقر أنه قال:
إن الوليد بن عقبة حين شهد عليه بشرب الخمر قال عثمان لعلي عليه السلام: اقض بينه وبين هؤلاء الذين زعموا أنه شرب الخمر فأمر علي عليه السلام فجلد بسوط له شعبتان أربعين جلدة" (الكافي في الفروع) (٧/ ٢١٥) باب ما يجب فيه الحد من الشراب).
وقد ذكر اليعقوبي "إن الوليد لما قدم على عثمان، قال: من يضربه؟ فاحجم الناس لقرابته وكان أخا عثمان لأمه، فقام عليّ فضربه" (تاريخ اليعقوبي) الشيعي (٢/ ١٦٥).
ولا يكون هذا الفعل والعمل إلا ممن يقرّ ويصحّح خلافة الخليفة، ويتمثّل أوامر الأمير، ويشارك الحاكم في حكمه، وكان علي بن أبي طالب وأولاده، وبنو هاشم معه، يطاوعون الخليفة الراشد الثالث عثمان بن عفان رضي الله عنه.
ويدل على ذلك قول علي رضي الله عنه لما أراده الناس على البيعة بعد شهادة الإمام المظلوم ذي النورين رضي الله عنه، المنقول في أقدس كتب القوم "دعوني والتمسوا غيري وإن تركتموني فأنا كأحدكم، ولعلّي أسمعكم وأطوعكم لمن وليتموه أمركم" (نهج البلاغة) تحقيق صبحي صالح (ص١٣٦).
ذو النورين وعلاقاته مع أهل البيت
كما يدل على ذلك قبول الهاشميين المناصب في خلافته ومنه كقبول المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب القضاء (الاستيعاب) (أسد الغابة) (الإصابة) وغيرها).
والحارث بن نوفل أيضاً (طبقات) و (الإصابة).
وقبول عبد الله بن عباس الإمارة على الحج سنة (٣٥). (تاريخ اليعقوبي) (٢/ ١٧٦).
وجهادهم تحت رايته، وفي العساكر والجيوش التي يكونها ويسيرها ويجهزها إلى محاربة الكفار وأعداء الأمة الإسلامية، فاشترك في المعارك الإسلامية سنة (٢٦) من الهجرة إلى أفريقية ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (الكامل لابن الأثير) (٣/ ٤٥).
وإلى برقة وطرابلس وأفريقية كل من الحسن والحسين ابني علي بن أبي طالب وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وعمهم ابن عم نبيهم عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين تحت قيادة عبد الله بن أبي سرح (تاريخ ابن خلدون) (٢/ ١٠٣).
واشترك كل من الحسن والحسين وعبد الله بن عباس تحت راية سعيد بن العاص الأموي في غزوات خراسان وطبرستان وجرجان (تاريخ الطبري) (الكامل لابن الأثير) (البداية والنهاية) (تاريخ ابن خلدون).
وغير ذلك من الغزوات والمعارك.
وكان يهدي إليهم الغنائم والهدايا كما كان يبعث إليهم الجواري والخدام.