للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وعمدة ما ينقمه غير الشيعة عليهم دعوى القدح في السلف أو أحد ممن يطلق عليه اسم الصحابي. والشيعة يقولون: إن احترام أصحاب نبينا "ص" من احترام نبينا، فنحن نحترمهم جميعاً لاحترامه" ("أعيان الشيعة) (١/ ٦٩) ط بيروت).

أما الأول: فلا يهذي بمثل هذه الهذيانات القدامى فقط، بل المتأخرون على شاكلتهم ومنوالهم كما نحن نقلنا من المتقدمين والمتأخرين من المفسرين والمحدثين والفقهاء، وكما سننقله أيضاً.

وحتى هذه الكتب ألفها متقدموهم فلم يطبعها إلا المتأخرون، وقد علقوا عليها وحققوها، ومجدوها وبالغوا في مدحها والثناء عليها، ولو لم يكن ترضيهم هذه الكتب وما فيها من الشتائم والسخافات لم يقوموا بنشرها وتمجيدها، وهل يمكن لأهل السنة أن يطبعوا كتاباً يكون فيه تكفير وتفسيق، وطعن ولعن لعلي رضي الله عنه وسبطي رسول الله الحسن والحسين رضي الله عنهما؟ – معاذ الله -.

وليس الطبع والنشر فحسب، بل الثناء العاطر والمدح البالغ.

فانظر مثالاً لذلك هذا الكتاب بعينه، فالقوم لم يكتفوا بطبعه ونشره وتوزيعه في المسلمين، بل جعلوه "أنفس الأسفار وأحسن ما كتب في مبحث الإمامة، وأشبعها بحثاً وتحقيقاً، وأحكمها بالأدلة النقلية والعقلية والبراهين القاطعة، والأخبار الصحيحة، والآيات الصريحة التي لا تقبل التأويل والتفسير بغير ما هي له وفيه" نص ما كتبه "سماحة الحجة الكبير آية الله الإمام الشيخ آغا بزرك الطهراني"، أحد الأعلام المجتهدين في النجف الأشرف، صاحب تصنيف (الذريعة) وغيره" (انظر مقدمة (٢/ ٢٤).

ويقول آخر: لعمري! إنه الكتاب العجيب في موضوعه، قال العلامة صاحب الروضات، لم أر بعد كتاب (الشافي) لسيدنا المرتضى علم الهدى مثله، بل راجح عليه لوجوه شتى" (مقدمة "الصراط المستقيم) (١/ ٩) لشهاب الدين المرعشي النجفي).

ورووا مثل ذلك عن الكحالة ("معجم المؤلفين) (٧/ ٢٦٦).

والقمي ("الكنى والألقاب) (٢/ ١٠١) والخوانساري (روضات الجنات) (١/ ٤٠٠) والأصفهاني ("رياض العلماء) (ص٥٨٦) والحر العاملي (أمل الآمل) (ص٢٣) وغيرهم. وهؤلاء كلهم من المتأخرين.

وأما الثاني: أي قول بعض الشيعة بأنهم لا يقدحون في الصحابة ويرون احترامهم لاحترام النبي فليس إلا خدعة يريدون أن يخدعوا بها السذج من السنة، وتقية يظهرون خلاف ما يبطنون ويعتقدون.

وأصدق دليل على ذلك تلك القصيدة المدحية التي قرضها السيد محسن الأمين في تعريف هذا الكتاب الخبيث وتمجيده، وقد أوردها في كتابه الكبير عند ذكر هذا الكتاب وتحت ترجمة مؤلفه وهذا مع دعواه أن احترام الصحابة من احترام النبي.

فانظر إليه ماذا يقول:

هذا الكتاب مبشر برشاد من ... يسلك طرائقه بغير خلاف

فكأنه المبعوث أحمد إذا أتى ... في آخر الأديان بالإنصاف

وكأنه من بين كتب الشيعة الـ ... مقدمين كسورة الأعراف

ينبيك عن حال الرجال وما رووا ... بعبارة تغني وقول شاف

فهو الصراط المستقيم ومنهج الد ... ين القويم لسالكيه كافي

تأليفه من شهدت له آراؤه ... بكماله في سائر الأوصاف

للشيخ زين الدين قطب زمانه ... رب المكارم عبد آل مناف

فلقد أنار منار شيعة حيدر ... وأباد من هو للنصوص منافي

فجزاءه من أحمد ووصيه ... أهل السماحة معدن الأشراف

(أعيان الشيعة) (٤٢/ ٣٢) نقلاً عن ترجمة النباتي للطهراني).

لعل هذا يكون تذكرة للمغفلين، وعبرة للمخدوعين، ونصيحة للمغترين، كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره.

هذا وكان في ما ذكرنا كفاية لمعرفة القوم وبغضهم لأسلاف هذه الأمة ومحسنيها، ولكن لتتميم البحث، وتكميل الموضوع نذكر روايات يسيرة من كتب أخرى، ومن علمائهم وفقهائهم.

ومنهم الأردبيلي فإنه أيضاً خصص قسماً من كتابه للطعن واللعن، والتفسيق والتكفير لأصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم عامة، وللخلفاء الراشدين الثلاثة خاصة، فيكتب تحت باب مطاعن الخلفاء الثلاثة:

"إن الخلفاء الثلاثة تخلفوا عن جيش أسامة وخالفوا أمر النبي في متابعته فكفروا، واستحقوا بكفرهم اللعن" (حديقة الشيعة) (ص٢٣٣) ط طهران).

ويكتب في الصديق والفاروق:-

فالله يعلم أن الحق حقهم ... لا حق تيم ولا عديين

لا تظلمن أخا تيم أبا حسن ... إذ خصه الله من بين الوصيين

خص النبي علياً يوم كفركم ... بالعلم والحلم والقرآن والدين

(حديقة الشيعة) (ص٢٣٣) ط طهران).

<<  <  ج: ص:  >  >>