للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي هذا رد على مزاعم الشيعة ممن يدعي أن عند أئمتهم علما خاصا ليس عند غيرهم، أو فهما مسددا من الله، فهذا إمامهم علي بن أبي طالب الذي اتفقوا على إمامته يرد قولهم ويكذبه فكيف بمن هو دونه من الأئمة. وتردد شبهة ثانية، ويروج كذب ابن سبأ من القول إن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوصى لعلي رضي الله عنه بالإمامة، فيرد الصحابة ذلك، وتوضح هذه المشكلة؛ ذكروا عند عائشة رضي الله عنها أن عليا رضي الله عنه كان وصيا، فقالت: "متى أوصى إليه وقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت: حجري – فدعا بالطست، فلقد انخنث في حجري فما شعرت أنه قد مات، فمتى أوصى إليه"؟ (١).ويؤكد علي رضي الله عنه ذلك فيقوم خطيبا بعد وقعة الجمل ويقول: (إن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعهد إلينا في الإمارة شيئا، وإنما هو رأي رأيناه) (٢).وعند وفاته رضي الله عنه يكذب مزاعم الشيعة بالوصية، إذ قيل له: ألا توصي؟ فيقول: "ما أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء فأوصي، اللهم إنهم عبادك فإن شئت أصلحتهم، وإن شئت أفسدتهم) (٣).يقول الإمام أحمد بن محمد الهيتمي (٤): "فهذه الطرق كلها عن علي متفقة على نفي النص بإمامته، ووافقه على ذلك علماء أهل بيته" (٥).ومن الشبه التي ردها علي بن أبي طالب ونفاها: ادعاء عصمته، فقد أنكر رضي الله عنه على من ألمح إلى عصمته، وبين الحق ناصعا وقال: "يهلك في محب مفرط يقرظني بما ليس في، ومبغض مفتر يحمله شنآني على أن يبهتني بما ليس في. ثم قال: وما أمرتكم بمعصية فلا طاعة لأحد في معصية الله تعالى" (٦) فلم يثبت لنفسه العصمة رضي الله عنه (٧).وقال لمن ادعى ألوهيته: (ويلكم إنما أنا عبد مثلكم آكل الطعام كما تأكلون، وأشرب كما تشربون، إن أطعت الله أثابني إن شاء، وإن عصيته خشيت أن يعذبني) (٨).


(١) رواه البخاري (٢٧٤١) ومسلم (١٦٣٦).
(٢) رواه أحمد (١/ ١١٤) (٩٢١) والبيهقي في ((الاعتقاد)) (٣٣٦) والحاكم في ((المستدرك)) (٣/ ١١٢) (٤٥٥٨) وانظر كتاب ((السنة)) لعبد الله بن أحمد بن حنبل (٢/ ٥٧٠). وانظر في ((إبطال الزعم بالوصية)): ((الصواعق المحرقة)) للهيثمي (١/ ١١٦) ((فتح الباري)) (٥/ ٣٦١).
(٣) انظر ((السنة)) لعبدالله بن أحمد بن حنبل (٢/ ٥٣٨).
(٤) هو: أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي شهاب الدين أبو العباس السعدي الأنصاري، برع في كثير من العلوم كالتفسير والفقه والحديث والحساب والنحو، وله تصانيف متنوعة كثيرة، توفي في مكة عام ٩٧٣هـ. انظر ((الشذرات)) (٨/ ٣٧٠) ((الأعلام)) (١/ ٢٢٣).
(٥) ((الصواعق المحرقة)) للهيتمي (١/ ١١٨) وانظر ((السنة)) للخلال (ص٣٥٠).
(٦) رواه أحمد (١/ ١٦٠) (١٣٧٧) والحاكم (٣/ ١٣٢) (٤٦٢٢) وقال صحيح الإسناد، وتعقبه الذهبي بقوله الحكم بن عبدالملك وهاه ابن معين، والحديث قال الهيثمي في ((المجمع)) (٩/ ١٣٣) رواه عبدالله والبزار باختصار وأبو يعلى أتم منه وفي إسناد عبدالله وأبى يعلى الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف وفي إسناد البزار محمد بن كثير القرشي الكوفي وهو ضعيف، وتكلم عليه الألباني في ((الضعيفة)) (١٠/ ٥٥١)
(٧) انظر ((الصواعق المحرقة)) (١/ ١٢١).
(٨) انظر ((فتح الباري)) (١٢/ ٢٧٠) وقال ابن حجر: إسناده حسن.

<<  <  ج: ص:  >  >>