للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويستمر الإمام في بيان منزلته عند رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ويقول:" ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء فأراه ولا يراه غيري، ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام غير رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وخديجة وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة وأشم ريح النبوة، ولقد سمعت رنة الشيطان حين نزل الوحي عليه صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله ما هذه الرنة"؟ فقال: ((هذا الشيطان أيس من عبادته إنك تسمع ما أسمع وترى ما أرى إلا أنك لست بنبي ولكنك وزير وإنك لعلى خير)).ولنستمع إليه مرة أخرى وهو يقول:" ولقد قبض رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وإن رأسه لعلى صدري ولقد سالت نفسه في كفي فأمررتها على وجهي، ولقد وليت غسله (صلى الله عليه وآله وسلم) والملائكة أعواني فضجت الدار والأفنية .... ملأٌ يهبط وملأٌ يعرج وما فارقت سمعي هيمنة فهم يصلون عليه حتى واريناه في ضريحه فمن ذا أحق به مني حياً وميتاً فانفذوا على بصائركم" (١). وهذا هو الإمام علي يصف نفسه وموقعه من رسول اللهصلى الله تعالى عليه وآله وسلم مرة أخرى في كتاب بعثه واليه في البصرة " عثمان بن حنيف " جاء فيها:" وأنا من رسول الله كالصنو والذراع من العضد " وبعد كل هذا فالإمام هو زوج " الزهراء ", وأبو الحسنين, وبطل المسلمين, ومن أعظم بناة الإسلام, ودافع عن الرسول الكريم ورسالته, بقلبه ولسانه ودمه وعرقه, وهو بعد غلام لم يبلغ الحلم, وقد شاء الله أن تكون شهادته حيث كان مولده, فقد ولد " علي " في بيت الله واستشهد في بيت الله، وقد تكتمل الصورة المشرقة " لعلي " وجهاده وموقعه من قلب الإسلام عندما نعلم علم اليقين وحسب الأحاديث المتواترة الصحيحة التي رواها رواة الشيعة والسنة على السواء في حب الرسول الكريم صلى الله تعالى عليه وآله وسلم " لعلي " وتقديره إياه، فالنبي زوجَّه " فاطمة الزهراء " بأمر من السماء, ورفض أولئك الذين تقدموا لخطبتها بقوله: ((إنما أنتظر بها القضاء)) (٢). وعندما نزل القضاء تم ذلك الزواج الميمون بين " علي " و " فاطمة ".وفي غزوة الخندق يصف النبي الكريم " علياً " بجملتين تضاهيان كل الأحاديث التي رويت عنه في فضائل " علي " حقاً عن كل حرف من تلك الكلمات الخالدات المشرقات يعتبر وساماً نبوياً ينصبه محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم على صدر " علي بن أبي طالب " إنه وسام أعطى الجهاد والإخلاص والتفاني والإيمان بالله, موقعه السرمدي في حياة الدهر, وتخليد العظماء، والجملتان صدرتا عن الرسول في خلال ساعة أو أكثر منها بقليل, وذلك عندما ذهب " علي " ليلتقي بعدو الإسلام وبطل المشركين " عمرو بن ود " والذي كان يبارز لوحده جماعات ورجالاً قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((اللهم برز الإسلام كله إلى الشرك كله)) وعندما وقع "عمرو " صريعاً بسيف "علي" قال صلى الله تعالى عليه وآله وسلم: ((ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين)) (٣).


(١) [١٠٥٢٧]- ((نهج البلاغة)) (٢/ ١٧٢).
(٢) [١٠٥٢٨]- رواه ابن سعد في ((الطبقات)) (٨/ ١٩) عن علباء بن أحمر اليشكرى.
(٣) [١٠٥٢٩]- رواه الحاكم في ((المستدرك)) (٣/ ٣٤) بلفظ: (لمبارزة علي بن أبي طالب لعمرو بن عبد ود يوم الخندق أفضل من أعمال أمتي إلى يوم القيامة). قال الذهبي في ((التلخيص)): قبح الله رافضيا افتراه. وقال ابن تيمية في ((منهاج السنة)) (٨/ ١٠٧): موضوع. وأيضاً حكم عليه ابن حجر بالوضع في ((إتحاف المهرة)) (١٣/ ٣٣١). وقال الألباني في ((السلسلة الضعيفة)) (٤٠٠): كذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>