للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن المتتبع لحياة الرسول الكريم والإمام يصل إلى نتيجة أكيدة وهي: أن الوشائج التي كانت تربط " محمداً " صلى الله تعالى عليه وآله وسلم بـ " علي " كانت أقوى بكثير من وشائج القربى, إنها صلات روحية مترابطة متماسكة أصلها في السماء وفرعها في قلبي الرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلم وابن عمه ولذلك لا نستغرب أبداً عندما نلمس في " علي " نفحات من نفحات النبي فهذا هو رسول الله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم يدافع عن رسالته بكلمته الخالدة التي قالها للمشركين: ((والله لو وضعتم الشمس في يميني والقمر عن يساري لأترك هذا الأمر ما فعلت)) (١). وهذا هو " علي " يدافع عن إيمانه بالله ويقول:" فوالله لو أعطيت الأقاليم السبعة وما تحت أفلاكها أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت". وبعد كل ما ذكرناه ورويناه فقد يكون من الطبيعي أن يرى " علي " نفسه أولى بخلافة محمد صلى الله تعالى عليه وآله وسلم من غيره، ومن الطبيعي أيضاً أن تعتقد فئة من الناس بذلك وتتحمس لها أشد التحمس وتجد الفكرة لها مؤيدين وأنصاراً, كما أن من الطبيعي أيضاً أن نقرأ في قلب محمد صلى الله عليه وسلم ولسانه ما يدل على استخلاف " علي " بعد وفاته.

ثانياً: الإمام علي يؤكد شرعية بيعة الخلفاء:

ولكن هل يعني كل هذا - وهذا بيت القصيد وحجر الأساس في كل ما يتعلق بالإمامة وشؤونها المتفرعة منها - أن هناك نصاً إلهياً بتعيين " علي " لخلافة الرسول صلى الله عليه وسلم أم أنها رغبة شخصية من رغبات رسول الله الخاصة؟ الإمام " علي " كان يقول: لا نص عليه من السماء وصحابة " علي " والذين عاصروه كانوا يعتقدون بذلك أيضاً, وقد استمر هذا الاعتقاد حتى عصر الغيبة الكبرى, وهو العصر الذي حدث فيه التغيير في عقائد الشيعة وقلبها رأساً على عقب. ومرة أخرى نقول: أن هناك فرقاً كبيراً بين أن يعتقد الإمام " علي " والذين كانوا معه أنه أولى بخلافة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من غيره , ولكن المسلمين اختاروا غيره وبين أن يعتقد أن الخلافة حقه الإلهي ولكنها اغتصبت منه، والآن فلنستمع إلى الإمام " علي " وهو يحدثنا عن هذا الأمر بكل وضوح وصراحة ويؤكد شرعية انتخاب الخلفاء وعدم وجود نص سماوي في أمر الخلافة:" إنه بايعني القوم الذين بايعوا أبا بكر وعمر وعثمان على ما بايعوهم عليه فلم يكن للشاهد أن يختار ولا للغائب أن يرد .... وإنما الشورى للمهاجرين والأنصار, فإن اجتمعوا على رجل وسموه إماماً كان ذلك لله رضىً، فإن خرج من أمرهم خرج بطعن أو بدعة ردوه إلى ما خرج منه فإن أبى قاتلوه على اتباعه غير سبيل المؤمنين" (٢).

وقبل أن أتحدث عن موقف الإمام علي بالنسبة للخلفاء الذين سبقوه وقبل أن نسهب في هذا الأمر ونستشهد بأقوال أخرى للإمام, حيث أن لهذا الموقف أهميته القصوى في كشف الحقيقة وإنارة الواقع, لا بد من التفصيل حول رغبات النبي الشخصية وذلك الجانب السماوي الذي كان يصدع به بأمر من الله وبوحي منه.

المصدر:الشيعة والتصحيح لموسى الموسوي - ص١٠


(١) [١٠٥٣٠]- رواه ابن إسحاق كما في ((السيرة النبوية)) لابن هشام (١/ ٢٦٦). وقال الألباني في ((فقه السيرة)) (ص١٠٩): ضعيف.
(٢) [١٠٥٣١]- ((نهج البلاغة)) (٣/ ٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>