لقد سنت هذه السنة السيئة في عصر كانت فيه الخلافة العباسية والسلطة الحاكمة لا تعتقد بشرعية مذهب أهل البيت وبالنتيجة لا تعترف بفقهائهم لكي تخصص لهم مرتبات يعيشون منها كما كانت الحالة بالنسبة لسائر فقهاء المذاهب الأخرى، ولم تكن الشيعة حتى ذلك التاريخ متماسكة بالمعنى المذهبي حتى تقوم بإعالة فقهائنا فكان تفسير الغنيمة بالأرباح خير ضمان لمعالجة العجز المالي الذي كان يقلق حياة فقهاء الشيعة وطلاب العلوم الدينية الشيعية آنذاك, ولكن هذا لا يعني أن الشيعة لم تساهم في إعالة الفقهاء وطلاب العلوم الدينية، ففي العراق وهوالمهد الأول للشيعة توجد حتى اليوم أملاك وبنايات وأراضي وقفت في القرن الخامس الهجري على الأمور الخيرية للشيعة، وبعد أن أسست هذه البدعة أضيفت إليها أحكام مشددة لكي تحمل الشيعة على التمسك بها وعلى تنفيذها، ولم يكن من بد في حمل الشيعة على قول إعطاء الخمس, وهو الأمر الذي ليس من السهل على أحد أن يرتضيه إلا بالوعيد فدفعه الضرائب في أي عصر ومصر وفي أي مجتمع مهما كان شأنه من الثقافة والديمقراطية والحرية يواجهه امتعاض من الناس، وبما أن فقهاء الشيعة لم تكن لهم السلطة لكي يرضخوا العامّة على استخراج الخمس من أرباح مكاسبهم طوعاً ورغبة فلذلك أضافوا إليها أحكاماً مشددة منها الدخول الأبدي في نار جهنم لمن لم يؤد حق الإمام وعدم إقام الصلاة في دار الشخص الذي لم يستخرج الخمس من ماله أو الجلوس على مائدته وهكذا دواليك، كما أن فقهاء الشيعة أفتوا بأن خمس الأرباح الذي هو من حق الإمام الغائب كما مرت الإشارة إليه يجب تسليمه إلى المجتهدين والفقهاء الذين يمثلون الإمام, وهكذا سرت البدعة في المجتمع الشيعي تحصد أموال الشيعة في كل مكان وزمان، وكثير من الشيعة حتى هذا اليوم يدفع هذه الضريبة إلى مرجعه الديني وذلك بعد أن يجلس الشخص المسكين هذا أمام مرجعه صاغراً ويقبل يده بكل خشوع وخضوع ويكون فرحاً مستبشراً بأن مرجعه تفضل عليه وقبل من حق الإمام، وبعض فقهاء الشيعة ومن بينهم الفقيه " أحمد الأردبيلي " وهو من أبرز فقهاء عصره حتى أنه لقب بِ " المقدس الأردبيلي " أفتوا بعدم جواز التصرف بالخمس في عهد الغيبة الكبرى, كما أن بعض فقهاء الشيعة وهم قليلون أفتوا بأن الخمس ساقط من الشيعة مستندين على رواية عن الإمام " المهدي ": " أبحنا الخمس لشيعتنا " غير أن الأكثرية من فقهاء الشيعة ضربوا عرض الحائط أراء الأقلية وأجمعوا فيما بينهم على وجوب استخراج الخمس.