وشيخ الإسلام لما قرر أن لفظ التشبيه لم يرد نفيه في القرآن والسنة وإنما قصد بيان أن ما ادعاه هؤلاء – في تعريفهم للتوحيد من أن من معانيه أن الله واحد في صفاته لا شبيه له، وأدخلوا في ذلك نفي علوه واستوائه وصفاته الخبرية – غير صحيح، لأن القرآن والسنة وردا بإثبات ذلك، والقول بأن إثبات هذه الصفات يقتضي تشبيها ينسحب إلى غيرها من الصفات التي يثبتها هؤلاء، كالعالم والقدرة والحياة والسمع والبصر، بل ينسحب إلى الأسماء الثابتة لله سبحانه وتعالى، فالأخذ بظاهر هذه العبارة – أنه واحد في صفاته لا شبيه له – يؤدي إلى نفي جميع الصفات والأسماء عن الله تعالى، لأن ما من موجودين إلا وبينهما قدر مشترك وقدر مميز، وأقرب مثال على ذلك الوجود، فالله موجود والمخلوق موجود، والوجود له معنى مشترك يصدق على وجود الله ووجود المخلوق، وإن كان وجود المخلوق ليس كوجود الله لأن المخلوق ممكن، حادث، قابل للعدم. فهل يمكن القول بأن الله موجود بدون فهم معنى الوجود؟ إلا أن يقال بأننا خوطبنا بألغاز لها معاني أخر لا نفهمها، ولم يدل عليها الخطاب، وهو ما آل إليه أمر غلاة الصوفية والباطنية والقرامطة وغيرهم من الملاحدة.