قبل أن نورد أقوال العلماء في عدم ورود الشهادة الثالثة في الأذان أحب هنا أن أذكر كلمة لفضيلة السيد محمد العاملي الكاظمي عضو ديوان النشر والترجمة والتأليف التابع لجامعة مدينة العلم للإمام الخالصي الكبير, والتي ذكرها في كتاب (الاعتصام بحبل الله) مضافاً إليها كلمة مدير ديوان جامعة مدينة العلم الواردة في الكتاب نفسه أجعلها كالمقدمة لهذا المبحث لا سيما وأنها تحتوي على ضوابط تحدد لنا مفهومي السنة والبدعة وأثر البدعة السيىء في الدين، فلك عزيزي القارئ مجمل ما كتبا:
إن كل شيء لم يسنه الرسول صلى الله عليه وسلم من العبادات فإحداثه بعده بدعة، ففي حديث عن أمير المؤمنين علي -عليه السلام-:
أنه جاءه رجل وسأله عن السنة والبدعة والجماعة والفرقة فقال:
"السنة ما سنَّه رسول الله والبدعة ما أحدث بعده، والجماعة أهل الحق وإن كانوا قليلاً والفرقة أهل الباطل وإن كانوا كثيراً".
وعليه فالبدعة ما كان على خلاف سنة الرسول بأي نحو من أنحاء المخالفة وكلها محرمة.
وفي حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((كل بدعة ضلالة وكل ضلالة سبيلها إلى النار)). (الفصول المهمة في أصول الأئمة / الحر العاملي ص ٢٠٣).
وتتبع كل ما حُكم بكونه بدعة سنجده على خلاف السنة كتقديم خطبتي العيد على صلاتها .. .
إن أي تغيير في العبادة بما جاء به الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يعد بدعة وحراماً.
ففي الأذان مثلا إذا قدمت الشهادة في التوحيد على التكبير أو زيد التكبير أو نقص منه كان بدعة ولا يستلزم عدم التغيير إنكار ما غير فتقديم (أشهد أن لا إله إلا الله) على قول: (الله أكبر) حرام وإن قول: (أشهد أن لا إله إلا الله) ثلاث مرات مع أنه حرام لا يلزم منه إنكار التوحيد.
ومن ذلك حرمة قول: (أشهد أن علياً ولي الله) في الأذان فهو حرام لعدم وروده عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أحد من أهل بيته - عليه السلام -.
وهو كما لو أضاف المؤذن أثناء الأذان سبحان الله، أو لا حول ولا قوة إلا بالله مع شرعيتها خارج الأذان.
ولا يلزم من ذلك إنكار ولاية علي - عليه السلام - لأن ما لا يذكر في الأذان من وجوب الصلاة، والصوم، والإقرار بالميعاد، وغير ذلك لا يستلزم إنكار الصلاة والصوم والميعاد، بل الأذان محدود بحدود حددها الرسول - صلى الله عليه وسلم - كما جاء به الوحي من رب العالمين، ولا يجوز تعدي تلك الحدود حتى ولو كانت بكلمة حق، لأن الفرائض والسنن جاءت محدودة عن الله تعالى وقام رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بتنفيذها وتطبيقها وأمر أمته أن يعملوا بها ويسيروا على هداها، ويسمعوا ويطيعوا.
فليس لأحد من علماء الدين وبقية المسلمين أن يزيدوا أو ينقصوا شيئاً من هذه الفرائض والأحكام، لأنهم جميعهم مكلفون بالتنفيذ والتطبيق وأن التشريع من الله تعالى، وعلى الرسول التبليغ فالأحكام التي بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بها أمته هي أحكام إلهية جاءت نصوصها في القرآن الكريم والسنة النبوية ولا يمكن تفسيرها أو تأويلها حسب الأهواء والرغبات.
ولا يجوز تحويرها وتحريفها في سبيل العنعنات والنزعات.
وليست هي قصائد شعرية ليجري عليها التشطير والتخميس.
وليست أحكام الإسلام وعلومه وفرائضه كالمستحضرات الطبية يضيف الطبيب اللاحق على ما استحضره الطبيب السابق.
أو يرفع قسماً منها لغرض التقوية أو التخفيف من مفعولها.
أو إصلاح تلك المستحضرات حسبما يرتئيه هو.
ولا كالمخترعات الصناعية فيأتي المهندس اللاحق فيضيف إلى ما اخترعه المهندس السابق ويزيد وينقص حتى يوصل المخترع إلى درجة الكمال.