فقد حدد السيد (محمد العاملي الكاظمي) في كتاب (الاعتصام بحبل الله) بعضاً من تلك التبريرات وتعرض لبطلانها فقال: ١ - التبريرالأول: التسامح بذكرها في الأذان والإقامة: بعد أن قام إجماع العلماء على عدم جزئية الشهادة الثالثة فيهما، قال بعضهم أنه لا حرج في ذكرها مع عدم قصد جزئيتها وهذا القول لمثل الشهيد الثاني في (شرح اللمعة ص٦٠) قال في هذا الكتاب ما نصه. ولا تجوز اعتقاد شرعية غير هذه الفصول في الأذان والإقامة والتشهد بالولاية لعلي وأن محمداً وآله وسلم خير البرية أو خير البشر، وإن كان الواقع كذلك فما كل واقع حقاً يجوز إدخاله في العبادات الموظفة شرعاً المحدودة من الله تعالى، فيكون إدخال ذلك فيها بدعة وتشريعاً كما لو زاد في الصلاة ركعة أو تشهداً ونحو ذلك من العبادات, وبالجملة فذلك من أحكام الإيمان لا من فصول الأذان. قال الشهيد الثاني: قال الصدوق: إن إدخال ذلك فيه من وضع المفوضة وهم طائفة من الغلاة, ولو فعل هذه الزيادة أو أحدها بنية أنه منه أثم في اعتقاده - انتهى كلامه. ثم يعلق الشيخ على هذا القول: وهو وإن أفتى بأنه لا حرج في إتيانها مع عدم اعتقاد جزئيتها وأنه لا يبطل الأذان بها، لكن هذا لا يفيد الملتزمين بها المصرين عليها, لأن التزامهم وإصرارهم دليل على أنهم اعتقدوا أن بها خصوصية ومزية لا يقدرون على تركها، فهل أنهم أدركوا ما لم يدركه الشارع المقدس فالتزموا بما لم يأمر به أعوذ بالله من هذا الهوى المتبع. انتهى. (الاعتصام بحبل الله / ص ٥٠ - ٥٢). ٢ - التبرير الثاني: القول باستحباب الشهادة الثالثة: قال بعض المتأخرين من العلماء باستحباب إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي بالولاية أو إمرة المؤمنين (والشهادتان هما الشهادة لله بالوحدانية وللرسول بالرسالة) وهذا لا علاقة له في فصول الأذان والإقامة باعترافهم فهو أمر خارج عنهما، وقالوا إن الأذان والإقامة أحد موارد هذا الاستحباب والذي يظهر أنهم تكلفوا هذه الفتوى وتكلفوا دليلها لما رأوا من التزام العوام بهذه الشهادة الثالثة في الأذان والإقامة ولم نعرف قائلاً بهذا الاستحباب من المتقدمين، واستدل لمن قال بهذا الاستحباب بخبر لا يقوم به حجة على المدعي وهو الخبر المروي في الاحتجاج للطبرسي. عن الإمام الصادق - عليه السلام: إذا قال أحدكم لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقل علي أمير المؤمنين. يقول الشيخ معلقاً على هذا القول: أولاً: لو سلمنا هذا الاستحباب لكان اللازم الاقتصار على مورد النص وهو قول: علي أمير المؤمنين في مورد قال فيه لا إله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأين هذا من قول: أشهد أن علياً ولي الله وأولاده المعصومين أولياء الله أو حجج الله ونحو ذلك من الأقوال بعد ذكر الشهادتين في الأذان والإقامة؟ انظر إلى الهوى كيف لا يقر له قرار فهو مضطرب لأنه لم يستند إلى ركن وثيق وأهله مضطربون لا قرار لهم وهذا شأن كل ذي هوى. بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَّرِيجٍ [ق:٥]. ثانياً: إن من قال بهذا الاستحباب (إكمال الشهادتين بالشهادة لعلي-عليه السلام-) ما يمنعه من أن يعمل به في تشهد الصلاة، لأن فيه ذكر الشهادتين فيستحب على رأيه إكمالهما بالشهادة لعلي- عليه السلام - فيقول في تشهده:(أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وأشهد أن علياً ولي الله أو أمير المؤمنين).