للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعَدّ اقتراف المتعة بأنها تدنيس النفس: عن عبد الله بن سنان قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن المتعة. فقال: لا تُدَنس نفسك بها (١).ولم يكتف الصادق بالزجر والتوبيخ لأصحابه في ارتكابهم الفاحشة، بل إنه صرّح بتحريمها: عن عمّار قال: قال أبو عبد الله عليه السلام لي ولسليمان بن خالد: قد حرّمت عليكما المتعة (٢).فكيف يمكن للصادق أن يحرّم المتعة على أتباعه؟ وهو القائل كما تزعم الشيعة: ما من رجل تمتع، ثم اغتسل إلا خلق الله من كل قطرة تقطر منه سبعين ملكاً يستغفرون له إلى يوم القيامة، ويلعنون متجنبها إلى أن تقوم الساعة (٣).وأيضاً: يستحب للرجل أن يتزوج المتعة، وما أحبَ للرجل منكّم أن يخرج من الدنيا - حتى يتزوج المتعة ولو مرة (٤).

ولقد أقرّ الصادق أن المتعة زنا: قيل لأبي عبد الله عليه السلام: لِمَ جُعِل في الزنا أربعةٌ من الشهود وفي القتل شاهدان؟ قال: إن الله أحلّ لكم المتعة، وعلم أنها سَتُنكر عليكم، فجعل الأربعة الشهود احتياطاً لكم، ولولا ذلك لأتي عليكم، وقلما يجتمع أربعة على شهادة بأمر واحد (٥).

فهذا إقرار صريح من الصادق بأن المتعة زنا، ولو لم يكن كذلك فلماذا لو اجتمع أربعة شهود وشهدوا بأن فلاناً تمتع يقام عليه حدّ الزنا؟ وما دام ذلك حلالاً فلا ضَيْر لو اجتمع ألف شاهد وشاهد على ذلك وهو حلال.

وتذكر الشيعة أن أبا جعفر أعرض عن السائل الذي ناقشه في المتعة حينما ذكر نساءَه وبنات عمه.

عن زُرارة قال: جاء عبد الله بن عمير الَّليثي إلى أبي جعفر عليه السلام فقال:

ما تقول في متعة النساء؟

فقال: أحلّها الله في كتابه وعلى سُنّة نبيه، فهي حلال إلى يوم القيامة. فقال: يا أبا جعفر مثلك يقول هذا، وقد حرّمها عمر ونهى عنها (٦).

فقال: وإن كان فعل.

فقال: إنّي أعيذك بالله من ذلك أن تحلّ شيئاً حرّمه عمر.

فقال: فأنت على قول صاحبك، وأنا على قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهلمّ أُلاعنك أنّ الحقّ ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنّ الباطل ما قال صاحبك. قال (٧): فأقبل عبد الله بن عمير فقال: يسرك أن نساءك وبناتك وأخواتك وبنات عمك يفعلن (٨)؟ قال (٩): فأعرض عنه أبو جعفر عليه السلام حين ذكر نساءَه وبنات عمه (١٠).

وإذا كانت المتعة حلالاً فلماذا لا يرتضيها الإِمام التاسع عندهم: محمد بن علي بن موسى لأهله؟ أيحلّها لأتباعه ولا يجوّزها لأهل بيته؟ وهل يوجد دليل - وهم مُقرّون به - أبلغ من هذا على كراهة أهل الييت للمتعة؟

ونجد أيضاً إمامهم الثامن علي بن موسى الرضا يتذمر من أتباعه بإلحاحهم عليه بالإذن في نكاح المتعة، وكان سبب عدم إِذنه لهم خشيته من نساء الشيعة أن يكفرن ويلعن من أباح المتعة لانشغال رجالهن بالمتعة عنهن.

عن محمد بن الحسن بن شمون قال: كتب أبوالحسن عليه السلام إلى بعض مواليه: لا تلحوا علي المتعة، إنما عليكم إقامه السنة فلا تشتغلوا بها عن فرشكم وحرائركم، فيكفرن ويتبرّين ويدعين على الآمر بذلك ويلعنَّنا.

فالروايات السابقة - وهي من روايات الشيعة - تبين لنا بوضوح أن أهل البيت رضوان الله تعالى عليهم لا يرتضون هذا النكاح الفاسد وأنهم ينهون عنه ولا يجوّزونه, وأما مخالفة الشيعة لأهل البيت في هذه المسألة فلا قيمة لها، لأنهم يعشقون هذه المخالفة، والذي يستقرئ التاريخ يجد أن الشيعة عبر عصورها لم تُخلص الولاء لآل البيت كما تدعيه، بل إنهم وبال عليهم.

المصدر:الشيعة والمتعة لمحمد مال الله


(١) ([١٠٩٣٩]) ((بحار الأنوار)) (١٠٠/ ٣١٨)، ((السرائر)) (٦٦).
(٢) ((الفروع من الكافي)) (٢/ ٤٨)، ((وسائل الشيعة)) (١٤/ ٤٥٠).
(٣) ((وسا ئل الشيعة))، (١٤/ ٤٤٤).
(٤) ((بحار الأنوار)) (١٠٠/ ٣٠٥)، ((وسائل الشيعة)) (١٤/ ٤٤٣).
(٥) ((من لا يحضره الفقيه)) (٢/ ١٥٠)، ((وسائل الشيعة)) (٤ا/٤١٩))، ((علل الشرائع)) (١٧٣)، ((المحاسن)) (٣٣٠).
(٦) سبق أن بينا أن عمر رضي الله عنه لم يحرم المتعة من تلقاء نفسه، بل إن النبي (صلى الله عليه وسلم) حرمها تحريماً أبدياً إلى يوم القيامة.
(٧) أي زرارة.
(٨) أي يتمتعن.
(٩) أي زراة.
(١٠) ((الفروع من الكافي)) (٢/ ٤٢)، ((التهذيب)) (٢/ ١٨٦)، ((وسائل الشيعة)) (١٤/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>