للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والدليل على بطلانه أن الإبهام والوسطى لو جررناهما ممتدين من الأعلى إلى الأسفل، فإذا اتصلتا إلى الذقن لا بد أن تحيطا من الحلق ببعضه من الطرفين، فيلزم أن يكون غسل ذلك القدر من الحلق فرضاً أيضاً، مع أن الحلق لم يعدّه أحدٌ داخلاً في الوجه، ولو بسطنا الإصبعين المذكورتين بمحاذاة الجبهة وقبضناهما بالتدريج، فحدُّ القبض لا يعلم أصلاً، والتقديرات الشرعية تكون لإعلام المكلفين لا للإبهام عليهم. وقالوا: إن الوضوء مع غسل الجنابة حرام (١)، وهذا مخالف لما كان عليه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم، فإنه كان يتوضأ في غسل الجنابة ابتداء، ثم يصب الماء على البدن في كل غسل (٢)، ومخالف لما عليه الأئمة أيضاً روى الكليني: عن محمد بن مبشر عن أبي عبد الله، بن (سعيد) (٣)، عن الحضرمي، عن أبي جعفر أنهما قالا: " حين سألهما شخصٌ عن كيفية غسل الجنابة: تتوضأ ثم تغسل " (٤).


(١) وهذا من مسلمات المذهب، قال المفيد: " وليس على المجنب وضوء مع الغسل، ومتى اغتسل على ما وصفناه فقد طهر للصلاة، وإن لم يتوضأ قبل الغسل ولا بعده، وإن ارتمس في الماء للغسل من الجنابة أجزأه عن الوضوء للصلاة ". ((المقنعة)) (ص ٦١) , النراقي ((مستند الشيعة)) (١/ ١٢٨).
(٢) يشير الآلوسي إلى حديث ميمونة رضي الله عنها قالت: ((وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وضوءا لجنابة، فأكفأ بيمينه على شماله مرتين أو ثلاثا، ثم غسل فرجه ثم ضرب يده بالأرض أو الحائط مرتين أو ثلاثا، ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه وذراعيه، ثم أفاض على رأسه الماء ثم غسل جسده، ثم تنحى فغسل رجليه، قالت: فأتيته بخرقة فلم يردها فجعل ينفض بيده)). ((صحيح البخاري)) (٢٧٠).
(٣) ذكره الآلوسي (رحمه الله) بابن (سعد)، والتصحيح من كتب الإمامية وهو: الحسن بن سعيد بن حماد بن مهران، أبو محمد الأهوازي، ذكره الإمامية ووثقوه، وقالوا: إنه من أصحاب الرضا والجواد. ((رجال النجاشي)) (١/ ١٧١). وذكره من أهل السنة الحافظ ابن حجر في ((لسان الميزان)) (٢/ ٢٨٤).
(٤) لم أجد هذه الرواية عند الكليني، ولكن أخرجها الطوسي في ((تهذيب الأحكام)) (١/ ١٤٠) , ((الاستبصار)) (١/ ١٢٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>