للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك إن انغمس جميع بدنه في بالوعة مملوءة من البول والعذرة - وليس على بدنه جرم النجاسة - صحت صلاته أيضاً بلا غسل، مع أن التطهير في هذه الحالات من غير غسل لا يتحقق، كما هو معلوم لكل أحد من العقلاء (١٢٢/ ب).وقالوا: لو وجد المصلي بعد الفراغ من الصلاة في ثوبه براز الإنسان، أو الكلب أو الهرة اليابس، أو المني أو الدم صحت صلاته، ولا تجب عليه إعادتها، كما ذكره الطوسي في (التهذيب) وغيره (١)، مع أن طهارة الثوب من شرائط الصلاة، والجهل والنسيان في الحكم الوضعي ليس بعذر. وقالوا: إنَّ مَن صلى عارياً وقد ستر ذكره وأنثييه بطين قليل - ولو من غير ضرورة - صحت صلاته (٢)، مع أن ستر العورة واجبٌ على القادر شرعاً، ولا سيما في حالة الصلاة؛ ولهذا خالف جماعة من الإمامية جمهورهم في هذه المسألة مستدلين بالآثار المروية عن أهل البيت (٣).وقالوا: إنَّ مَن لطخ لحيته وشاربه وبدنه وثوبه بذرق الدجاج، أو أصاب لحيته وشاربه ووجهه وخده قطرات من بوله، بعد ما استبرأ ثلاث مرّات تصح صلاته بلا غسل (٤).وقالوا: يجوز المشي للمصلي في صلاته لوضع عجينة في محل لا يصل إليه كلب أو هرة، ولو كان ذلك المحل بعيداً عن مصلاه لمسافة عشرة أذرع شرعية (٥)، مع أن العمل الكثير ولا سيما إذا لم يكن مما يتعلق بالصلاة مبطل لها، لقوله تعالى: وَقُومُواْ لِلّهِ قَانِتِينَ فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنتُمْ فَاذْكُرُواْ اللهَ كَمَا عَلَّمَكُم مَّا لَمْ تَكُونُواْ تَعْلَمُونَ [البقرة: ٢٣٨ - ٢٣٩].


(١) حيث روى عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال: " سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يصلي وفي ثوبه عذرة إنسان أو سنور أو كلب أيعيد صلاته؟ قال: إن كان لم يعلم فلا يعيد ". ((تهذيب الأحكام)) (٢/ ٣٥٩).
(٢) ابن إدريس، ((السرائر)) (١/ ٢٥٢).
(٣) والروايات في كتب الإمامية ترجح ذلك، ففي رواية وردت عن علي بن جعفر، عن موسى الكاظم أنه قال: " سألته عن رجل عريان، وحضرت الصلاة، فأصاب ثوباً نصفه دم أو كله أيصلي عرياناً؟ فقال: إن وجد ماء غسله، وإن لم يجد ماء صلى فيه، ولم يصلِ عرياناً؛ ولأن طهارة الثوب شرط وستر العورة شرط أيضاً فيتخير ". ابن بابويه، ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ٢٤٨) , الطوسي، ((تهذيب الأحكام)) (٢/ ٢٢٤). وينظر كلام الحلبي في ((مستند الشيعة)) (١/ ٤٨٩).
(٤) والطهارة للصلاة ليست بذات قيمة عند الإمامية، ويروون ذلك عن أئمة أهل البيت الذين طهرهم الله، فأخرج (شيخ الطائفة) الطوسي عن زرارة قال: " قلت لأبي عبد الله عليه السلام إن قلنسوتي وقعت في البول فأخذتها فوضعتها على رأسي ثم صليت؟ فقال: لا بأس". ((تهذيب الأحكام)) (٢/ ٣٥٧). ولذلك يقول ابن بابويه: "ومن أصاب قلنسوته أو عمامته أو تكته أو جوربه أو خفه مني أو بول أو دم أو غائط فلا بأس بالصلاة فيه، وذلك لأن الصلاة لا تتم في شيء من هذا وحده ". ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ٧٣).
(٥) والحركة في الصلاة عند الإمامية لا حرج فيها سواء كانت في المكتوبة أو النافلة، فأخرج العاملي عن الحلبي أنه سأل: " أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يخطو أمامه في الصلاة خطوة أو خطوتين أو ثلاث، قال: نعم لا بأس ". ((وسائل الشيعة)) (٥/ ١٩١) , وفي رواية أخرى عن الحلبي أيضاً أنه سأل الصادق: " عن الرجل يقرب نعله بيده أو رجله في الصلاة؟ قال: نعم ". ((وسائل الشيعة)) (٧/ ٢٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>