للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالوا: من قرأ في الصلاة (وتعالى جدك) تفسد صلاته (١)، مع أن قوله تعالى: وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا [الجن:٣] في سورة (الجن) (٢) يصح قرأتها في الصلاة، وقالوا: تفسد الصلاة بقراءة بعض السور من القرآن كحم تنزيل السجدة وثلاث سور أخرى (٣)، مع أن قوله تعالى: فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ [المزمل:٢٠] يدل بمنطوقه على العموم، وهؤلاء الفرقة هم يروون عن الأئمة أن الصلاة تصح بقراءة كل سورة من القرآن، ومن العجيب أنهم يحكمون بجواز الصلاة بقراءة ما يعلمه المصلي أنه ليس من القرآن المنزل، بل هو محرّف عثمان وأصحابه، مثل: أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ [النحل: ٩٢] (٤). وقالوا: يجوز الأكل والشرب في الصلاة، كما صرح به فقيههم المعتبر صاحب (شرائع الأحكام) (٥) في كتابه هذا (٦)، مع أن الأخبار المتفق عليها تدل على المنع من الأكل والشرب في الصلاة، وشرب الماء في صلاة الوتر، لمن يريد أن يصوم غداً، وعطش في تلك الصلاة، مجمع على جوازه عندهم (٧).وقالوا: لو باشر المصلي امرأة حسناء مباشرة فاحشة، وضمها إلى نفسه، وألصق رأس ذكره بما يحاذي قبلها، وسال المذي الكثير ولو إلى الساق جازت صلاته، كذا ذكره الطوسي وأبو جعفر وغيره من مجتهديهم (٨)،


(١) فروى ابن بابويه عن الصادق أنه قال: " أفسد ابن مسعود على الناس صلاتهم بشيئين، بقوله: (تبارك اسمك وتعالى جدك) وهذا شيء قالته الجن بجهالة، فحكاه الله عنها، وبقوله (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين) يعني في التشهد الأول، وأما الثاني بعد الشهادتين فلا بأس به ... ". ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ٤٠١). وأخرج الرواية أيضاً العاملي في ((وسائل الشيعة)) (٦/ ٤٠٦).
(٢) زيادة غير موجودة في الأصل يقتضيها السياق.
(٣) وهذه السور هي: لقمان وحم السجدة والنجم وسورة العلق، وهذه الرواية ثابتة في كتبهم كما نقلها ابن بابويه عن الصادق. ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ٣٠٦).
(٤) يشير الآلوسي إلى قول الإمامية بتحريف القرآن، فهم يجوزون القراءة بالقرآن المحرف في الصلاة، وروى عن محمد بن الجهم الهلالي وغيره عن أبي عبد الله أنه قال: " إن أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ * النحل:٩٢* ليس كلام الله بل حرّف عن موضعه، والمنزل: (أئمة أزكى من أئمتكم). ((الكافي)) (١/ ٢٩٢) , ((تفسير القمي)) (١/ ٣٨٩).
(٥) هو كتاب ((شرائع الإسلام في مسائل الحلال والحرام))، قال الطهراني: وكتابه هذا من أحسن المتون الفقهية وأجمعها للفروع في فقه الإمامية، وقد ولع به الأصحاب من لدن عصر مؤلفه حتى الآن. ((الذريعة)) (١٣/ ٤٧).
(٦) ومؤلفها المعروف عند القوم بالمحقق الحلي ودليله في ذلك: "لعدم وجود نص في إبطال الأكل والشرب للصلاة ". ((شرائع الإسلام)) (١/ ١٠١).
(٧) ويروون في ذلك الروايات عن أهل البيت، فقد روى ابن بابويه عن سعيد الأعرج أنه قال: "قلت لأبي عبد الله عليه السلام جعلت فداك إني أكون في الوتر وأكون قد نويت الصوم وأكون في الدعاء وأخاف الفجر، وأكره أن أقطع على نفسي الدعاء وأشرب الماء وتكون القلة أمامي، قال: فقال لي: فاخطِ إليها الخطوة والخطوتين والثلاث واشرب وارجع إلى مكانك، ولا تقطع على نفسك الدعاء ". ((من لا يحضره الفقيه)) (١/ ٤٩٤) , العاملي في ((الوسائل)) (٧/ ٢٨٠).
(٨) لأن رواياتهم تقول إن الحركة والمذي لا يبطلان الصلاة أو ينقضان الوضوء، فمثل هذه الحركة أيضاً لا تبطلهما، روى الطوسي: "عن ابن أبي عمير عن غير واحد من أصحابنا عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ليس في المذي من الشهوة ولا من الإنعاظ ولا من القبلة ولا من مس الفرج ولا من المضاجعة وضوء ولا يغسل منه الثوب ولا الجسد " .. ((تهذيب الأحكام)) (١/ ١٩) , ((الاستبصار)) (١/ ١٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>