للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التعاون مع الفرنجة لانتزاع الإسكندرية من يد صلاح الدين: إن أسد الدين شيركوه لما كان قد أظفره الله بالفرنجة في الوقعة السابقة بمصر برغم خيانة الخونة، رأى أن يفتح الإسكندرية، ففتحها واستناب عليها ابن أخيه صلاح الدين، ثم توجه إلى الصعيد فملكه، وعندئذ اتفق الفاطميون مع الفرنجة على حصار الإسكندرية لانتزاعها من يد صلاح الدين في أثناء غياب أسد الدين شيركوه، فامتنع فيها صلاح الدين أشد الامتناع، ولكن ضاقت عليهم الأقوات وضاق عليهم الحال جدا, فسار إليهم أسد الدين شيركوه فصالحه الوزير شاور عن الإسكندرية بخمسين ألف دينار، فأجابه إلى ذلك وخرج منها وسلمها للمصريين ثم عاد إلى الشام، وقرر شاور للفرنجة على مصر في كل سنة مائة ألف دينار وأن يكون لهم شحنة بالقاهرة (١).

خيانة الطواشي مؤتمن الخلافة الفاطمية بمصر: لما كانت الفرنجة قد طغت بالديار المصرية عندما جعل لهم الوزير الفاطمي شاور شحنة بالقاهرة، وتحكموا في البلاد والعباد، حتى استنجد الخليفة الفاطمي العاضد بنور الدين محمود أن ينقذه ونساءه من أيدي الفرنجة - وكان الفاطميون هم الذين مكنوا لهم (٢) - وكاتب شاور الفرنجة وصالحهم على مال جزيل، ثم جاءت جيوش نور الدين بقيادة أسد الدين شيركوه وابن أخيه صلاح الدين واستقر لهم ملك الديار المصرية. وهنا قام الطواشي مؤتمن الخلافة الفاطمية بالكتابة من دار الخلافة بمصر إلى الفرنجة ليقدموا إلى الديار المصرية ليخرجوا منها الجيوش الإسلامية الشامية ولكن حامل الكتاب لقيه في الطريق من أنكر حاله، فحمله إلى صلاح الدين فقرره، فأخرج الكتاب وانكشفت المؤامرة، فأمر بقتل الطواشي، فثار له خدم القصر من السودان، فكانوا نحو خمسين ألفا، وقاتلوا جيش صلاح الدين بين القصرين فهزمهم صلاح الدين وأخرجهم من القاهرة وقتل منهم خلقا (٣).بين المعز الفاطمي والإمام أبو بكر النابلسي (٤):

إن الشيعة برغم ما يتظاهر به بعض ولاتهم وحكامهم من الورع والصلاح وإنصاف المظلوم ...

إلا أنهم في كثير من الأحيان ما تنكشف الحقائق عن مخادع كاذب لا يرقب في المؤمنين إلا ولا ذمة.

وأشد ما تكون هذه النكاية بالعلماء من أهل السنة.

قال ابن كثير - رحمه الله - في ترجمة المعز الفاطمي:

" .. كان يدعي إنصاف المظلوم من الظالم، ويفتخر بنسبه وأن الله رحم الأمة بهم، وهو مع ذلك متلبس بالرفض ظاهرًا وباطنًا، كما قال القاضي الباقلاني: إن مذهبهم الكفر المحض، واعتقادهم الرفض، وكذلك أهل دولته ومن أطاعه ونصره ووالاه قبحهم الله وإياه.

وقد أحضر بين يديه الزاهد العابد الورع الناسك التقي أبوبكر النابلسي، فقال له المعز: بلغني عنك أنك قلت: لو أن معي عشرة أسهم لرميت الروم بتسعة ورميت المصريين - أي الفاطميين - بسهم؟


(١) ((البداية والنهاية)) (١٢/ ٢٥٢، ٢٥٣).
(٢) وهنا يصدق فيهم قول القائل "كم من كلب عض يد صاحبه" و " إن الله لينتقم بالظالم من الظالم ثم يهلكهم جميعًا".
(٣) ((البداية والنهاية)) (١٢/ ٢٥٧، ٢٥٨).
(٤) هو أحد أئمة أهل السنة الأثبات وهو من أهل نابلس.

<<  <  ج: ص:  >  >>