للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتارة يكون غير المسمى، كاسم الخالق. وتارة لا يكون هو ولا غيره كاسم العليم والقدير (١).٥ - أن الاسم للمسمى، كما يقوله أكثر أهل السنة، فهؤلاء وافقوا الكتاب والسنة والمعقول لقوله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [الأعراف: ١٨٠] وقال: أَيًّا مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَاء الْحُسْنَى [الإسراء: ١١٠]. وهؤلاء إذا قيل لهم: هل الاسم هو المسمى أو غيره؟ "فصلوا فقالوا: ليس هو نفس المسمى، ولكن يراد به المسمى، وإذا قيل: إنه غيره بمعنى أنه يجب أن يكون مباينا. فهذا باطل؛ فإن المخلوق قد يتكلم بأسماء نفسه فلا تكون بائنة منه، فكيف بالخالق، وأسماؤه من كلامه، وليس كلامه بائنا عنه، ولكن قد يكون الاسم نفسه بائنا، مثل أن يسمى الرجل غيره باسم، أو يتكلم باسمه، فهذا الاسم نفسه ليس قائما بالمسمى، لكن المقصود به المسمى، فإن الاسم مقصوده إظهار المسمى وبيانه" (٢).فالأشاعرة لهم قولان ضعيفان (٣) وقد ناقشهما شيخ الإسلام وبين ضعفهما: ومن ردوده على من قال منهم: إن الاسم هو المسمى قوله: "قلت لو اقتصروا على أن أسماء الشيء إذا ذكرت في الكلام فالمراد بها المسميات – كما ذكروه في قوله يَا يَحْيَى [مريم: ١٢] ونحو ذلك – لكان ذلك معنى واضحا، لا ينازعه فيه من فهمه، لكن لم يقتصروا على ذلك، ولهذا أنكر قولهم جمهور الناس من أهل السنة وغيرهم لما في قولهم من الأقوال الباطلة، مثل دعواهم أن لفظ اسم الذي هو "ا، س، م" معناه ذات الشيء ونفسه، وأن الأسماء – التي هي الأسماء – مثل زيد وعمرو هي التسميات، ليست هي أسماء المسميات، وكلاهما باطل مخالف لما يعلمه جميع الناس من جميع الأمم ولما يقولونه ... وأيضا فهم تكلفوا هذا التكليف ليقولوا: إن اسم الله غير مخلوق، ومرادهم أن الله غير مخلوق وهذا مما لا تنازع فيه الجهمية والمعتزلة؛ فإن أولئك ما قالوا الأسماء مخلوقة إلا لما قال هؤلاء هي المسميات. فوافقوا الجهمية والمعتزلة في المعنى، ووافقوا أهل السنة في اللفظ، ولكن أرادوا به ما لم يسبقهم أحد إلى القول به من أن لفظ اسم وهو "ألف، سين، ميم" معناه إذا أطلق هو الذات المسماة، بل معنى هذا اللفظ هي الأقوال التي هي أسماء الأشياء، مثل زيد وعمرو، وعالم وجاهل، لفظ الاسم لا يدل على أن هذه الأسماء هي مسماة ... (٤) " إلى آخر مناقشته لهم. ثم ذكر أن أهل القول الثاني من الأشاعرة – الذي قسموا الأسماء إلى ثلاثة أقسام – "غلطوا من وجه آخر؛ فإنه إذا سلم لهم أن المراد بالاسم الذي هو "ألف، سين، ميم" هو مسمى الأسماء فاسمه الخالق هو الرب الخالق نفسه، ليس هو المخلوقات المنفصلة عنه، واسمه العليم هو الرب العليم، الذي العلم صفة له، فليس العلم هو المسمى، بل المسمى هو العليم، فكان الواجب أن يقال على أصلهم: الاسم هنا هو المسمى وصفته، وفي الخالق الاسم هو المسمى وفعله، ثم قولهم: إن الخلق هو المخلوق، وليس الخلق فعلا قائما بذاته، قول ضعيف، مخالف لقول جمهور المسلمين" (٥).


(١) ذكر هذا القول والذي قبله البيهقي في ((الجامع لشعب الإيمان)) (١/ ٣٣٦ - ٣٣٧)، وانظر: ((الاعتقاد)) (ص: ٧١ - ٧٢).
(٢) قاعدة في الاسم والمسمى – ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٠٧)،. ولشارح الطحاوية تلخيص جيد للمذهب الحق في هذه المسألة انظره (ص: ١٣١) – ط الرابعة – المكتب الإسلامي.
(٣) نسب ابن فورك في ((المجرد)) على الأشعري أنه يقول: أن الاسم غير المسمى، مع مخالفته ورده على الجهمية، انظر: ((المجرد)) (ص: ٣٨ - ٣٩).
(٤) ((قاعدة في الاسم والمسمى – مجموع الفتاوى)) (٦/ ١٩١ - ١٩٢).
(٥) ((قاعدة في الاسم والمسمى – مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٠١ - ٢٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>