للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذين يجعلون مع الله نداً يدعونه كما يدعو الله تعالى ويسألونه الشفاعة كما يسألون الله تعالى، ويحبونه كما يحبون الله تعالى. وقد حذر صلى الله عليه وسلم مما هو أدنى من ذلك فحين قيل له عليه السلام " ما شاء الله وشئت ". قال: ((أجعلتنى لله عدلاً (نداً) بل ما شاء الله وحده)) (١).ومن ذلك أيضاً التبرك بالأماكن والأشخاص والأشجار وغير ذلك، وقد طلب أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم شيئا من ذلك وهم حديثوا عهد بكفر وذلك حين خرجوا لغزوة حنين فمروا " بشجرة " بسدرة للمشركين يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط قالوا: اجعل لنا شجرة كذات أنواط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الله أكبر إنها السنن، قلتم والذي نفسي بيده كما قالت بنو إسرائيل لموسى اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ [الأعراف:١٣٨] إنها السنن لتركبن سنن من كان قبلكم)) (٢).

ومن ذلك الذبح للأولياء والصالحين، وتقديم القرابين لهم، والذبح عند قبورهم. وقد نهي الله تعالى عن ذلك وحذر من الوقوع في ذلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.

وقال تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:١٦٢ - ١٦٣] وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:٢] وقال صلى الله عليه وسلم ((لعن الله من ذبح لغير الله، ولعن الله من لعن والده، ولعن الله من آوى محدثاً، ولعن الله من غير منار الأرض)) (٣).وقد نهي صلى الله عليه وسلم عن الذبح عند الأوثان أو في أماكن يقام فيها عيد جاهلي وذلك حين سُئل عن رجل نذر أن يذبح إبلاً بأحد الأماكن فقال صلى الله عليه وسلم: ((هل كان فيه وثن من أوثان الجاهلية يعبد)) فقالوا: لا، قال: ((فهل كان فيها عيد من أعيادهم؟)) قالوا: لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أوف بنذرك، فإنه لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم)) (٤).

ومنها الاستعاذة بالمقبورين والصالحين من الأولياء الذين لا يملكون لأنفسهم ضراً ولا نفعاً. والاستعاذة معناها الالتجاء والاعتصام والتحرز والهرب من شيءٍ تخافه إلى من يعصمك منه.

وقد أمرنا المولى عز وجل أن نستعيذ به قال تعالى: وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [فصلت:٣٦] وقال أيضاً: وَقُل رَّبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَن يَحْضُرُونِ [المؤمنون:٩٧ - ٩٨] وقال: قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ [الفلق:١] وقُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ [الناس:١].

ومنها الاستغاثة بغير الله تعالى والاستغاثة طلب الغوث لإزالة الشدة كالاستنصار طلب النصرة، والاستغاثة تمتاز عن الدعاء بأنها لا تكون إلا من المكروب قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ [الأنفال:٩]


(١) رواه أحمد (١/ ٢٨٣) (٢٥٦١) والنسائي في ((الكبرى)) (٦/ ٢٤٥) قال العراقي في تخريج ((الإحياء)) (٣٠٤٨) إسناده حسن وقال أحمد شاكر في تحقيق الطبري (١/ ٣٦٩) إسناده صحيح
(٢) رواه بهذا اللفظ الطبراني (٣٢٩٢) ورواه الترمذي (٢١٨٠) وأحمد (٥/ ٢١٨) (٢١٩٤٧) وقال الترمذي حسن صحيح وكذلك صححه الألباني
(٣) رواه مسلم (١٩٧٨)
(٤) رواه أبو داود (٣٣١٣) والطبراني (١٣٤٢) والبيهقي في الكبرى (١٠/ ٨٣) وصححه الألباني

<<  <  ج: ص:  >  >>