فقد وقع كثيرٌ من الصوفية والعوام في ذلك فمنهم من يدعو شيخه عند اشتداد الكروب فيقول: يا علي، ويا عبد القادر، ويا بدوي وأدى الغلو إلى أكثر من ذلك منهم من يسألهم الجنة وغفران الزلات حتى زعم أحدهم أن شيخة يجلس عند النار فلا يدع أحداً استغاثه يدخلها ونسجوا كثيراً من القصص المكذوبة فزعموا أن فلاناً استغاث شيخه فأغاثه، أو دعا الولي الفلاني فأجابه أو فرج كربته وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إلى يَومِ الْقِيَامَةِ [الأحقاف:٥].
وممن وقع في ذلك البوصيري حيث قال:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به ... سواك عند حلول الحادث العمم
ولا يضيق رسول الله جاهك بي ... إذ الكريم تحلى باسم منتقم
فإن لي ذمة منه بتسميتي ... محمداً وهو أوفى الخلق بالذمم
إن لم يكن في معادي آخذاً بيدي ... فضلاً وإلا فقل يا زلة القدم
فقد وقع البوصيري بأخطاء كثيرة في أشعاره هذه منها: -
١ - إنه نفى أن يكون له ملاذ إذا حلت به الخطوب إلا الرسول عليه السلام وليس ذلك إلا لله.
٢ - تضرع للرسول عليه السلام وناداه ودعاه وطلب منه أموراً لا تطلب إلا من الله عز وجل.
٣ - طلب منه الشفاعة عندما يريد الله تعالى الانتقام ولا يمنع ذلك أحد. قال تعالى لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: أَفَمَنْ حَقَّ عَلَيْهِ كَلِمَةُ الْعَذَابِ أَفَأَنتَ تُنقِذُ مَن فِي النَّارِ [الزمر:١٩].
٤ - ادعى أن له ذمة لأن اسمه محمد وهذا غير صحيح لأنه ليس بين الرسول عليه السلام ومن اسمه محمد ذمة إلا بالطاعة، وكم من الطغاة من سماه أهله بمحمد.
٥ - زعم أنه لا خلاص له إلاّ إذا تفضل عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وأخذ بيده يوم القيامة، والخلاص والنجاة يوم القيامة تكون بفضل الله عليه.
وكذلك البرعي وقع في شيء من ذلك في قوله:
أرجوك في سكرات الموت أن تشهدني ... كيما يهون إذ الأنفاس في صعد
وإن نزلتُ ضريحاً لا أنيس به ... فكن أنيس وحيد فيه منفرد
وقال أيضاً:
يا سيدي يا رسول الله يا أملي ... يا موئلي يا ملاذي يوم يلقاني
هبني بجاهك ما قدمت من زلل ... جوداً ورجح بفضل منك ميزاني
واسمع دعائي واكشف ما يساورني ... من الخطوب ونفّس كل أحزاني
فأنت أقرب من ترجى عواطفه ... عندي وإن بعدت داري وأوطاني
فقد وقع البرعي بأبياته هذه في أخطاء عدة منها: -
١ - أنه يستغيث بالرسول عليه السلام ويطلب حضوره عند موته ليهون عليه سكرات الموت وهذا ليس إلا لله عز وجل.
٢ - وطلب من الرسول عليه السلام أن يؤنس وحشته في قبره وليس للعبد أنيس إلا العمل الصالح.
٣ - وطلب منه أن يرجح ميزانه يوم القيامة ولا يرجح الميزان إلا الإخلاص والعمل الصالح
٤ - وطلب منه عليه السلام أن يكشف عنه الضر والكربات ويهون عليه الحزن والخطوب.
٥ - وهو الذي يرجو عاطفة الرسول صلى الله عليه وسلم مهما بعدت الدار والرسول صلى الله عليه وسلم لا يرجى بعد موته.
٦ - زعم أن الرسول صلى الله عليه وسلم هو أقرب من يرجى، والله تعالى هو القريب المجيب وليس الحبيب محمد عليه السلام بعد وفاته.
ومن الأخطاء التي وقع فيها القوم التوسل. والتوسل هو اتخاذ الوسيلة وهي الطريقة التي توصل إلى المطلوب " المرغوب".
الوسائل نوعان كونية وشرعية: