للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - الوسيلة الكونية: وهي كل سبب طبيعي يوصل إلى المقصود بخلقته التي خلقه الله بها ويؤدي إلى المطلوب بما أودعه الله فيه من سنن كالماء فهو الوسيلة إلى ري الظمآن والطعام هو الوسيلة لحصول الشبع للجائع، والملابس تحفظ الإنسان من حرارة الشمس وبرد الشتاء، واستعمال الزراعة والري للحصول على الغذاء والزواج وسيلة لحصول الذرية وهي مشتركة بين المؤمن والكافر من غير تفريق ويشترط لاستعمالها شرطان أن تكون مباحةً شرعاً، وثبت بالتجربة وغالب الظن تحقق المطلوب بها.

٢ - والوسيلة الشرعية: وهي كل سبب يوصل إلى المقصود عن طريق ما شرعه الله تعالى وبينه في كتابه وسنة نبيه وهي خاصة بالمؤمن المتبع أمر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

- فالوضوء والغسل والتيمم وسيلة لحصول الطهارة، والامتناع عن الطعام وسيلة لحصول الصيام والنطق بالشهادتين والعمل بمضمونها وسيلة لحصول مرضاة الله تعالى والفوز برحمته ودخول الجنة، وإتباع السيئة الحسنة وسيلة إلى محو السيئة، وقول الدعاء المأثور بعد الأذان وسيلة إلى نيل الشفاعة، وصلة الرحم وسيلة لطول العمر وسعة الرزق. ويشترط فيها ثبوتها بالشرع الحنيف. فهذه القضايا السابقة تحقق تلك الغايات والمقاصد عن طريق الشرع وحده، لا عن طريق العلم والتجربة أو الحواس، فنحن لم نعلم أن صلة الرحم تطيل العمر وتوسع الرزق إلا من قوله صلى الله عليه وسلم: ((من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه)) (١).

التوسل المشروع لا يتم إلا بأحد أنواع ثلاثة: -

١ - التوسل باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته.

٢ - التوسل بعمل صالح قام به الداعي.

٣ - التوسل بدعاء رجل صالح.

النوع الأول: التوسل باسم من أسماء الله تعالى أو صفة من صفاته: قال الله تعالى: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [الأعراف:١٨٠] ومنه ما ورد في الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في أحد أدعيته ((اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على الخلق أحيني ما علمت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي)) (٢).وفي الحديث من كثر همه فليقل ((اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك ماض فيَّ حكمك عدل فيَّ قضاؤك أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك أو علمته أحداً من خلقك، أو أنزلته في كتابك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همي " إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرجاً)) (٣) وفي الحديث، ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني)) (٤).

النوع الثاني: التوسل إلى الله بصالح الأعمال:

وهو أن يتوسل الإنسان بصالح أعماله إلى الله عز وجل لأن هناك مناسبة بين توسل الإنسان إلى الله وبين عمله الصالح الذي أخلص به لوجه الله تعالى والدليل على صحة ذلك ما ورد في القرآن الكريم قال تعالى: الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [آل عمران:١٦] وقال تعالى: رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ [آل عمران:٥٣].


(١) رواه البخاري (٥٩٨٦) ومسلم (٢٥٥٧)
(٢) رواه النسائي (١٣٠٥) وأحمد (٤/ ٢٦٤) (١٨٣٥١) وابن حبان (١٩٧١) وصححه الألباني
(٣) رواه أحمد (١/ ٣٩١) (٣٧١٢) وابن حبان (٩٧٢) والحاكم (١٨٧٧) قال الهيثمي في ((المجمع)) (١٠/ ١٣٦) رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهنى وقد وثقه ابن حبانوصححه الألباني في ((الصحيحة)) (١٩٩)
(٤) انظر صحيح مسلم (٢٧١٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>