للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان رئيس الدير يطلب إلى الرهبان أن يطيعوه طاعة عمياء، ويمتحن الرهبان الجدد بأوامر مستحيلة التنفيذ يلقيها عليهم، وتقول إحدى القصص إن واحداً من أولئك الرؤساء أمر راهباً جديداً أن يقفز في نار مضطرمة فصدع الراهب الجديد بالأمر، فانشقت النار حتى خرج منها بسلام. وأمر راهب جديد آخر أن يغرس عصا رئيسه في الأرض ويسقيها حتى تخرج أزهراً، فلبث الراهب عدة سنين يذهب إلى نهر النيل على بعد ميلين من الدير يحمل منه الماء ليصبه على العصا، حتى رحمه الله في السنة الثالثة فأزهرت. ويقول جيروم إن الرهبان كانوا يأمرون بالعمل (لئلا تضلهم الأوهام الخطرة). فمنهم من كان يحرث الأرض، ومنهم من كان يعني بالحدائق أو ينسج الحصر أو السلاسل، أو يصنع أحذية من الخشب، أو ينسخ المخطوطات. وقد حفظت لنا أقلامهم كثيرا من الكتب القديمة. على أن كثيرين من الرهبان المصريين كانوا أميين يحتقرون العلوم الدنيوية ويرون أنها غرور وباطل. ومنهم من كان يرى أن النظافة لا تتفق مع الإيمان، وقد أبت العذراء سلفيا أن تغسل أي جزء من جسدها عدا أصابعها، وكان في أحد الأديرة النسائية ١٣٠ راهبة لم تستحم واحدة منهن قط أو تغسل قدميها، ولكن الرهبان أنسوا إلى الماء حوالي آخر القرن الرابع، وسخر الأب إسكندر من هذا الانحطاط فأخذ يحن إلى تلك الأيام التي لم يكن فيها الرهبان (يغسلون وجوههم قط).

<<  <  ج: ص:  >  >>