للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكمثال على ذلك ما أورده في ترجمته للشريف المجذوب حيث قال:"وكان أصله جمالاً عند بعض الأمراء ثم حصل له الجذب وكان له كشف ومثاقلات للناس الذين ينكرون عليه، وكان رضي الله عنه يأكل في نهار رمضان ويقول: أنا معتوق أعتقنى ربي، وكان كل من أنكر عليه يعطبه في الحال، وكان رضي الله عنه يتظاهر ببلع الحشيش فوجدوها حلاوة، وكان قد أعطاه الله تعالى التمييز بين الأشقياء والسعداء في هذه الدار" (١).

ومن أولئك الأولياء أيضاً بركات الخياط رضى الله عنه، كان رضي الله عنه من الملامتية وأخبرني الشيخ عبد الواحد رضي الله عنه أحد جماعة سيدي أبي السعود الجارحي رضي الله عنه، قال: مدحته للشيخ جمال الدين الصائغ مفتى الجامع الأزهر وجماعة فقالوا: امضو بنا نزوره وكان يوم جمعة فسلم المؤذن على المنارة، فقالوا له: نصلي الجمعة فقال: مالي عادة بذلك. فأنكروا عليه فقال: نصلى اليوم لأجلكم، فخرج إلى جامع المارداني فوجد في الطريق مسقاة كلاب فتطهر منها، ثم وقع في مشخة حمير ففارقوه وصاروا يوبخون الشيخ الذي جاء بهم إلى هذا الرجل، وصار الشيخ بركات يوبخ عبد الواحد ويقول أيش هؤلاء الحجارة الذين أتيت بهم لا يعود لك بالعادة أبداً وله وقائع مشهورة رضي الله عنه" (٢).وأمثلة أخرى كثيرة يوردها الشعراني تدل على مدى استهتار هؤلاء الأولياء – حسب زعمه – بالأخلاق والدين والتكاليف، فقد ذكر عن علي وحيش ما يخجل القلم من كتابته ويتلعثم اللسان من النطق به (٣)؛ من الأعمال الفاحشة والزنا وفعله بالبهائم وصاحبها قائم أمامه، وإن لم يرض تسمر في مكانه كما يذكر الشعراني.

ويبدو أن للكشف الصوفي علاقة قوية بترك التكاليف على حد ما أورده عنهم الشيخ سعيد حوى في قوله:

"يربط بعض الصوفية بين الكشف وترك التكاليف، فيرون أن الإنسان متى كشف له شيء من أمر الغيب – وما أكثر ما يتوهون في هذا الشأن – سقط عنه التكليف، فلا صلاة ولا صيام ولا غير ذلك، ويستشهدون على ذلك بقوله تعالى: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:٩٩].

المصدر:فرق معاصرة لغالب عواجي ٣/ ١٠٢٨


(١) ((الطبقات الكبرى)) بتقديم بعض العبارات – انظر (٢/ ١٥٠).
(٢) ((الطبقات الكبرى)) (٢/ ١٤٤).
(٣) ((الطبقات الكبرى)) (٢/ ١٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>