للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمانة الجنة لمن أطعم صوفياً أو قضى له حاجة؛ كما ضمن ذلك التيجاني لكل من أحبه أو أطعمه أو أحسن إليه بأي شيء كما يذكر التجانيون في كتبهم افتخاراً بكرامات سيدهم التي منها هذه الكرامة التي أكدها علي حرازم والفوتي نقلاً عن التجاني. وكل تلك الكرامات أشبه ما تكون بأحلام الصبيان أو صراعات المجانين، وتكذيبها والسخرية بها لا تحتاج إلى ضياع الوقت في الاشتغال بالردود عليها وبيان سخافتها ودجل من يدعيها ممن جرؤ على الكذب على الله وعلى الناس وضللوا أتباعهم وأخرجوهم عن الإسلام من حيث لا يشعر أولئك الأتباع، لأنهم أصبحوا كما قال الله تعالى: أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ [الأعراف:١٧٩]. وفيما يلي نذكر بعض الأمثلة من كلام أقطاب التصوف في الكرامات التي يزعمونها لأنفسهم أو لأوليائهم لترى مدى بعد تلك العقول عن الحق والأفكار الرديئة التي انطوت عليها الزعامات الصوفية. يقول عبد الكريم القشيري عن كرامات أبي الحسين النوري أنه قال: "كان في نفسي شيء من هذه الكرامات، فأخذت قصبة من الصبيان وقمت بين زورقين ثم قلت: وعزتك إن لم تخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال لأغرقن نفسي، قال فخرج لي سمكة فيها ثلاثة أرطال" (١). فهذا جأهل بحق ربه وأراد أن يقتل نفسه: وقد صادف ما قدره الله له - أو كان بفعل الشيطان ليغويه - أن خرجت له تلك السمكة، ومهما كان فإن هذا المسلك لم يكن من مسلك الأولياء على هذا النحو، وقال عنه: "وحكي عن النوري أنه خرج ليلة إلى شط دجلة فوجدها وقد التزق الشطان فانصرف وقال: وعزتك لا أجوزها إلا في زورق".وقد فسر ذلك العروسي فقال: "أي التقى له الشطان بحيث لو مد رجله كان على الشط الآخر، فانصرف وقال تأدباً واعترافاً بتوالي نعم الله عليه في كل خارق: وعزتك لا أجوزها إلا في زورق كسائر الناس" (٢).فكيف يكون الأدب مع الله أن ترد مكرمته إلا عند القشيري والنوري، وقال أبو الحارث الأولاشي: "مكثت ثلاثين سنة ما يسمع - أي ينطق - لساني إلا من سري ثم تغيرت الحال فمكثت ثلاثين سنة لا يسمع سري إلا من ربي". (٣) "وكان يحيى بن سعيد يتعبد في غرفة ليس إليها سلم ولا درج، فكان إذا أراد أن يتطهر يجيء إلى باب الغرفة ويقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ويمر في الهواء كأنه طير ثم يتطهر فإذا فرغ يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله ويعود إلى غرفته" (٤).وقال أبو يعقوب السوسي: "جاءني مريد بمكة فقال: يا أستاذ أنا غداً أموت وقت الظهر فخذ هذا الدينار فاحفر لي بنصفه وكفِّنِّي بنصفه الآخر، ثم لما كان الغد وطاف بالبيت ثم تباعد ومات، فغسلته وكفنته ووضعته في اللحد، ففتح عينيه فقلت أحياة بعد موت؟ فقال أنا حي وكل محب لله حي" (٥). وأما بالنسبة للخضر فحدث ولا حرج لقد ملأ الصوفيون كتبهم بحكايات عن الخضر لا حد لها ولا حصر إذ لا يخلو كتاب من كتبهم من نسج القصص والأساطير عليه، ومفادها أن الخضر يجيب كل من يستغيث به في أي بلد كان. ويذكر القشيري أنه حدث ابن أبي عبيد اليسري عن أبيه أنه غزا سنة من السنين فخرج في السرية فمات المهر الذي كان تحته وهو في السرية فقال: يا رب أعرناه حتى نرجع إلى بسرى يعنى قريته فإذا المهر قائم & hellip; إلى آخر القصة. ومثل هذه القصة قصة أخرى وقعت لأحد الأولياء ذكرها أبو سبرة النخعي (٦)،


(١) ((الرسالة القشيرية)) (٢/ ٦٧٦).
(٢) (ص٦٧٨).
(٣) (ص٦٨٢).
(٤) (ص٦٨٥).
(٥) (ص٧٠٠).
(٦) انظر: ((الرسالة القشيرية)) (ص٧١٢) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>