للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - أن المعتزلة اعترضوا عليهم هنا ولم يستطيعوا أن يجيبوهم بجواب صحيح، وذلك أنهم قالوا للكلابية والأشعرية: القول في الكلام كالقول في الفعل، فإننا إذا كنا – نحن وأنتم – قد اتفقنا على أن الله تعالى لم يكن فاعلا في الأزل، ثم صار فاعلا، ولم نقل – لا نحن ولا أنتم – إنه كان في الأزل عاجزا أو ساكتا، فإذا كان لا يلزم من عدم فعله في الأزل أن يوصف بضده من العجز والسكوت، فكذلك يقال في صفة الكلام، إذا قيل: لم يكن متكلما – على مذهب المعتزلة – لا يوصف بضد الكلام وهو السكوت أو الخرس. ومناقشة الأشاعرة للمعتزلة هنا مناقشة ضعيفة ولهذا عدل بعض متأخري الأشعرية كالجويني إلى الحجة الثانية (١).أما السلف فلا يلزمهم اعتراض المعتزلة لأنهم يقولون الكلام كالفعل، وإن الله لم يزل خالقا فاعلا كما أنه لم يزل متكلما (٢)، كما سبق بيانه في مسألة حوادث لا أول لها.

ب- وأما الحجة الثانية: للأشاعرة وهي إنه لو كان مخلوقا لكان إما خلقه في نفسه أو في غيره أو لا في محل، والأول يلزم منه أن يكون محلا للحوادث وهو باطل، والثاني يلزم منه أن يكون صفة لذلك المحل وهو باطل، والثالث ممتنع لأن الصفة لا تقوم بنفسها – فشيخ الإسلام بين أن هذه الحجة – أيضا – صحيحة، ولكنها تدل على صحة مذهب السلف وفساد مذهب الكلابية والأشعرية، والمعتزلة.


(١) انظر: ((مجموع الفتاوى)) (٦/ ٢٩٧).
(٢) انظر: ((مجموع الفتاوى)) ٦/ ٢٩٨ - ٢٩٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>