فانظر أيها المسلم هذا التهريج والتخريف والخبط الذي يريد هؤلاء الأفاكون جذب الناس إليه وإيقاع الناس فيه، وأحمد الله على نعمة العقل التي أعطاك إياها ونعمة الإيمان والإسلام إن كنت من أهله، وانظر كيف يتلاعب الشيطان بهؤلاء المتهوكين الفارغين إلا من الخرافات والخزعبلات والزندقة والكفر الذي ليس له مثل في الأرض. والعجيب أن ابن عربي لا يقف خياله الزندقي عند حد مطلقاً فقد ذهب ليزعم أيضاً أنه عرف أسماء الأقطاب منذ آدم وحتى بعثة رسولنا صلى الله عليه وسلم حيث ينقل عنه الشعراني أنه قال في الفتوحات ما نصه:
"فإن قلت فهل كان قبل محمد صلى الله عليه وسلم أقطاب وكم عددهم (فالجواب) كما قاله الشيخ في الباب الرابع عشر من الفتوحات:
(إن الأقطاب لا يخلو عصر منهم قال وجملة الأقطاب المكملين من الأمم السالفة من عهد آدم إلى محمد عليهما الصلاة والسلام خمسة وعشرون قطباً أشهدنيهم الحق تعالى في مشهد قدس في حضرة برزخية وأنا بمدينة قرطبة وهم: الفرق ومداوي الكلوم والبكاء والمرتفع والشفار والماضي والماحق والعاقب والمنحور وسجر الماء وعنصر الحياة والشريد والصائغ والمراجع والطيار والسالم والخليفة والمقسوم والحي والراقي والواسع والبحر والمنصف والهادي الأصلح والباقي فهؤلاء هم الأقطاب الذين سموا لنا من آدم إلى محمد عليهما الصلاة والسلام وأما القطب الواحد الممد لجميع الأنبياء والرسل من حيث النشء الإنساني إلى يوم القيامة فهو روح محمد صلى الله عليه وسلم (اليواقيت والجواهر ج٢ ص٨٢) أ. هـ.
فانظر كيف اكتشف ابن عربي أسماء الأقطاب المزعومين منذ آدم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكيف راح يزعم أن هؤلاء جميعاً الذين افترى أسماءهم يستمدون علومهم من روح الرسول التي زعم أنها هي المستوي على العرش الرحماني كما مر تفصيل ذلك في الحقيقة المحمدية.
وذلك أن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم هو أول موجود في زعمهم وهو الحق الذي خلق العرش من نوره والكرسي والسماوات والأرض والجن صلى الله عليه وسلم هو المستوي على عرش الرحمن تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً ..
وهكذا نجد الصوفية قلبوا كل موازين الشريعة وغيروا جميع عقائد الدين وابتدعوا ديناً جديداً بعيداً عن الإسلام الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم بعد المشرق عن المغرب.
المصدر:الفكر الصوفي في ضوء الكتاب والسنة لعبد الرحمن عبد الخالق - ص ٢٣٣ - ٢٣٩