للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً: (وقال سيدي الشيخ عبد الرحمن السقاف، وسيدي الشيخ فضل بن عبد الله رضي الله عنهما: التقى اثنان من الصالحين في الطريق أحدهما صادر من زيارة قبر سيدنا هود – على نبينا وعليه أفضل الصلاة والتسليم – والآخر وارد إليها، فقال الوارد للصادر ما وجدت النبي هود! قال الصادر وجدته!، قال: تان، فقلت: يا نبي الله فما تان؟ فقال: من ذنوب الزوار أتحملها عنهم حتى يرفعها الله تعالى عني وعنهم)، ويقولون كما في رسالة الشاطري: من زار هوداً ولو للفضول غفرت ذنوبه!

وهذا لا يخفى أنه كذب على الله وعلى رسوله هود، وإضلال للناس وتغرير بهم، وتعليق لقلوبهم على هذا الكذب الذي ما أنزل الله به من سلطان، وقد حاول الشاطري أن يبرر ذلك، ولكن على طريقته الباطنية.

ومنها بشارة من بشر بعودة الزوار بالجنة: قال الحبيب أحمد بن حسن العطاس كما في تذكير الناس: (وكان سيدنا شهاب الدين يجلس عند أراكة بالقرب من بيته، بقرية اللسك أيام الزيارة، ويقول من بشرني أن ولد سالم بن عبد الله زار بالناس وهم سالمون ضمنت له الجنة، فكان الناس يستبقون على التبشير، ولما أسن وثقل كان يجلس بالمجف في تريم لاستقبال أخبار الزيارة، ويقول هذا القول الذي تقدم).

وهذا كالذي قبله من الافتراء على الله لإضلال الناس بغير علم، وليس كما قال الشاطري في جوابه على السؤال الثاني عشر أن معنى " ضمنت له الجنة " أي دعوت الله له بالجنة وذلك جائز للمجاز اللغوي.

فمن يعقل معنى " ضمنت له على الله الجنة " بهذا الوضوح والتصريح أن ذلك من المجاز اللغوي أي دعوت الله له، فما وجه العلاقة بين ضمنت التي تعني الالتزام الجازم بإعطاء الجنة وبين دعوت التي توجه إلى الله إن شاء قبل، وإن شاء رد، ولو فرضنا على سبيل التنزل أن المتكلم يقصد ذلك فما أدرى العوام بذلك؟ أليس فيه تغرير بهم؟ الجواب: بلى! ولذلك يتسابقون معتقدين صدق تلك الضمانة، لا سيما وقد وصف المذكور بأنه (له اطلاع على أهل القبور، وماهم عليه من عذاب وسرور، وله في ذلك حكايات وخوارق للعادات، منها أنه قيل له: إن بعضهم يقول في قبر الإمام أحمد بن عيسى: أنه ليس بقبره حقيقة، فزاره في بعض زياراته وهو متوجه لقضاء حاجاته، فحصل له عند القبر غيبة وذهول ثم أفاق وهو يقول: اجتمعت بروحانية الإمام أحمد بن عيسى وسألته عن قبره هل هو هذا حقيقة؟ فقال: نعم، فقلت: إني أريد كذا، فقال: تقضى من غير كلفة، ثم ذهب إلى قرية بور، وقصد جامعها، قضيت حاجته في جلسته تلك، وحكي أنه اجتمع بالإمام حجة الإسلام في داره بتريم، وأنه طلب منه الإجازة في جميع كتبه فأجازه)، وهذا الرجل توفي في سنة ٩٤٦هـ بينما الغزالي حجة الإسلام توفي سنة ٥٠٥ هـ.

فلماذا يحاول الشاطري صرف هذا الكلام عن معناه، وتحريفه عن مواضعه وتفسيره بخلاف مراد قائله وناقله ومروجه بين الناس، وبخلاف ما يفهمه من يحسن الظن بأهل الله؟!

إن هذا تجنٍّ على كلام الناس، ولا أدري أيفسر الشاطري تلك البشارة بهذا التفسير عند كل من يحدثه بها، أم أنه يفسرها تفسيرين: تفسير للتصدير، وتفسير للاستهلاك؟!، وأما قوله: " وحولها يبلبل المبلبلون، ولنار الفتنة والفرقة بين المسلمين يشعلون "، فأقول: إن الذي يبلبل ويثير الفتنة والفرقة بين المسلمين هو الذي ينشر هذه الأقوال المضللة والأعمال المبتدعة، والعقائد المنحرفة، وليس الذي يعمل على تصحيح عقائدهم وتقويم سلوكهم وتنبيه عقولهم إلى ما يراد بهذا الإضلال.

<<  <  ج: ص:  >  >>