للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكره القفطي بقوله: (ذو النون بن إبراهيم الإخميمي المصري، من طبقة جابر بن حيان في انتحال صناعة الكيمياء، وتقلد علم الباطن والإشراف على كثير من علوم الفلسفة. وكان كثير الملازمة لبربا بلدة إخميم، فإنها بيت من بيوت الحكمة القديمة، وفيها التصاوير العجيبة والمثالات الغريبة التي تزيد المؤمن إيمانا، والكافر طغيانا. ويقال: أنه فتح عليه علم ما فيها بطريق الولاية. وكانت له كرامات (١).وكذلك المسعودي يذكر أنه (جمع معلوماته عن ذي النون من أهل إخميم عندما زار هذا البلد. وهو يروي عنهم أن أبا الفيض ذا النون المصري الإخميمي الزاهد كان حكيما سلك طريقا خاصا، وأتخذ في الدين سيرة خاصة، وكان من المعنيين بحل رموز البرابي في إخميم، كثير التطواف بها. وأنه وفق إلى حل كثير من الصور والنقوش المرسومة عليها، ثم يذكر المسعودي ترجمة لطائفة من هذه النقوش التي ادعى ذو النون أنه قرأها وحلها (٢).ثم وبعد ذكر هذه العبارات كتب نيكلسون ما خلاصته: (أن ذا النون كان كثير العكوف على دراسة النقوش البصرية المكتوبة على المعابد وحل رموزها، كما كانت مصر القديمة في نظر المسلمين مهد علوم الكيمياء والسحر وعلوم الأسرار، وكان هو من أصحاب الكيمياء والسحر مع أن الإسلام حرم السحر، ولذلك ستره بلباس الكرامات، ومن هنا بدا تأثير السحر في التصوف، ويؤيد ذلك استخدام ذي النون الأدعية السحرية واستعماله البخور لذلك كما ذكره القشيري في رسالته (٣).

فهذا هو الرجل الآخر من الثلاثة الأول الذين يقال عنهم بأنهم أول من لقبوا بهذا اللقب، ووصفوا بهذا الوصف، وعرفوا بهذا الرسم أو عرّفوا هذا الطريق إلى الناس بادئ ذي بدء.

المصدر:التصوف المنشأ والمصادر لإحسان إلهي ظهير


(١) ((إخبار العلماء بأخبار الحكماء)) (ص١٨٥) المنقول من كتاب في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) لنيلكسون (ص٩).
(٢) انظر في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) نقلا عن مروج الذهب.
(٣) انظر في ((التصوف الإسلامي وتاريخه)) نقلا عن مروج الذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>