للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لما دعا رسول الله صلى الله عليه وآله عليا يوم خيبر، فتفل في عينيه وقال له: إذا أنت فتحتها فقف بين الناس، فإن الله أمرني بذلك، قال أبو رافع: فمضى عليّ عليه السلام وأنا معه، فلما أصبح افتتح خيبر ووقف بين الناس وأطال الوقوف، فقال الناس:

إن عليا عليه السلام يناجي ربه، فلما مكث ساعة أمر بانتهاب المدينة التي فتحها، قال أبو رافع: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله، فقلت: إن عليا عليه السلام وقف بين الناس كما أمرته، قال قوم منهم: (إن الله ناجاه، فقال: نعم يا رافع، إن الله ناجاه يوم الطائف ويوم عقبة ويوم حنين، ويوم غسل رسول الله (١).

ومثل هذه الروايات كثيرة لا تعدّ ولا تحصى (٢).

هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى يرى الشيعة أن أئمتهم أولئك أفضل من الأنبياء كما صرح بذلك الكليني أن الإمامة فوق النبوة والرسالة والخلة حيث نقل رواية عن جعفر بن محمد الباقر أنه قال: (إن الله اتخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيا، وإن الله اتخذه نبيا قبل أن يتخذه رسولا، وإن الله اتخذه رسولا قبل أن يتخذه خليلا، وإن الله اتخذه خليلا قبل أن يتخذه إماما (٣).

وروى أيضا عن يوسف التمار أنه سمع جعفر بن الباقر أنه قال: (ورب الكعبة، ورب البنية –ثلاث مرات – لو كنت بين موسى والخضر عليهما السلام لأخبرتهما أني أعلم منهما، ولأنبئتهما بما ليس في أيديهما لأن موسى والخضر عليهما السلام أعطيا علم ما كان، ولم يعطيا علم ما يكون وما هو كائن حتى تقوم الساعة (٤).

وعنه أنه قال: (إني لأعلم ما في السموات وما في الأرض، وأعلم ما في الجنة وما في النار، وأعلم ما كان وما يكون (٥).

وقد بوب الحر العاملي صاحب موسوعة حديثية شيعية كبيرة بابا مستقلا بعنوان (الأئمة الاثني عشر أفضل من سائر المخلوقات من الأنبياء والأوصياء السابقين والملائكة وغيرهم، وأن الأنبياء أفضل من الملائكة).

ثم أورد تحته روايات عديدة، منها ما رواها عن جعفر أنه قال: (إن الله خلق أولي العزم من الرسل، وفضلهم بالعلم، وأورثنا علمهم، وفضلنا عليهم في علمهم، وعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يعلمهم، وعلمنا علم الرسول وعلمهم (٦).

وعلى ذلك قال الخميني زعيم شيعة إيران اليوم في كتابه (ولاية الفقيه) ما نصّه: (إن من ضروريات مذهبنا أنه لا ينال أحد المقامات المعنوية الروحية للأئمة حتى ملك مقرب ولا نبي مرسل، كما روي عندنا بأن الأئمة كانوا أنوارا تحت ظل العرش قبل تكوين هذا العالم .... وأنهم قالوا: إن لنا مع الله أحوالا لا يسعها ملك مقرب ولا نبي مرسل، وهذه المعتقدات من الأسس والأصول التي قام عليها مذهبنا (٧).


(١) أيضا (ص٤٣١).
(٢) وقد أشبعنا الكلام في هذا الخصوص في كتابنا ((الشيعة والسنة)) وقد صدرت له حتى اليوم أكثر من ثلاثين طبعة و ((الشيعة وأهل البيت)) و ((الشيعة والتشيع فرق وتاريخ)) وكذلك كتابنا الجديد ((بين الشيعة وأهل السنة))، ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى تلك.
(٣) كتاب ((الحجة من أصول الكافي)) (١/ ١٧٥) ط إيران، ومثله نقل عن أبيه أيضا.
(٤) ((الكافي في الأصول)) (١/ ٢٦١) ط إيران.
(٥) أيضا باب أن الأئمة يعلمون علم ما كان، وأنه لا يخفى عليهم الشيء (١/ ٢٦١) ط إيران.
(٦) ((الفصول المهمة في أصول الأئمة)) للحر العاملي (ص١٥٢) ط إيران.
(٧) ((ولايت فقيه در خصوص حكومت إسلامي)) لنائب الإمام الخميني تحت باب ولايت تكويني من الأصل الفارسي (ص٥٨) ط طهران.

<<  <  ج: ص:  >  >>