للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذه هي عقائد الشيعة الإثني عشرية في أئمتهم بأنه يأتي إليهم جبريل، وينزل عليهم الوحي، ويكلمهم الله من وراء حجاب، ويناجيهم من دون حجاب، وأن النبوة لم تنقطع ولم تختم بمحمد صلوات الله وسلامه عليه، وأن الولاية أعظم وأفضل من النبوة والرسالة، وعلمهم بدون واسطة فصاروا يعلمون علم ما كان وما يكون، وفضلهم على الخلائق من الأنبياء والرسل.

والنصوص والروايات في هذا الخصوص جاوزت المئات، وعليها أسست وبنيت الديانة الشيعية نتيجة مؤامرة يهودية للقضاء على الإسلام ودعوة خاتم النبيين الناطق بالوحي صلى الله عليه وسلم.

هذا، وبعد هذا عندما نرجع إلى آراء الصوفية، وأفكارهم، عقائدهم ومعتقداتهم، كتبهم ورسائلهم، رواياتهم ومقولاتهم، تصريحاتهم وعباراتهم، نجد معظم هذه الأفكار وطابعها واضحا جليا، بل إنها عين هذه الترهات والخزعبلات، مبثوثة منشورة في كتب الأولين منهم والآخرين. وهاهي النصوص:

فيقول الصوفي الكبير عبد القادر الحلبي المعروف بابن قضيب البان: (كل ما خصّت به الأنبياء، خصّت به الأولياء (١).

وما هي اختصاصات الأنبياء غير الوحي، ونزول الملائكة، وكلام الربّ معهم، وإخبارهم عن الغيب، وكونهم معصومين عن الخطأ والزلل في تبليغ رسالات الله (٢)، التي يريد ابن البان إشراك غيرهم معهم من الصوفية؟

وهل لسائل أن يسأل: أو بعد مشاركة الغير يبقى الاختصاص اختصاصا؟

وقبل أن نتعمق في هذا نريد أن نضع النقاط على الحروف، كي لا يتوهم المتوهم أننا نلزم القوم على ما لا يتقولونه ويعتقدونه. فنثبت من كتبهم أنفسهم، وبعباراتهم هم ما يبرهن قولنا، فيقول الشيخ الأكبر للصوفية رادّا على الغزالي:

إن الغزالي غلط في التفريق بين نزول الملك على النبي والوليّ، مع أن النبي والوليّ كلاهما ينزل عليه الملك (٣).

وقد ذكر الشعراني أيضا بقوله:

(فإن قلت: قد ذكر الغزالي في بعض كتبه: إن الفرق بين تنزّل الوحي على قلب الأنبياء وتنزله على قلوب الأولياء نزول الملك، فإن الوليّ يلهم ولا ينزل عليه ملك قط، والنبي لا بد له في الوحي من نزول الملك به، فهل هذا صحيح؟

فالجواب كما قاله الشيخ في الباب الرابع والستين وثلاثمائة: أن ذلك غلط ... قال الشيخ: وسبب غلط الغزالي وغيره في منع تنزل الملك على الوليّ عدم الذوق، وظنهم أنهم قد علموا بسلوكهم جميع المقامات ولما ظنوا ذلك بأنفسهم ولم يروا ملك الإلهام نزل عليهم أنكروه، وقالوا: ذلك خاص بالأنبياء، فذوقهم صحيح وحكمهم باطل، مع أن هؤلاء الذين منعوا قائلون بأن زيادة الثقة مقبولة، وأهل الله كلهم ثقات.

قال: ولو أن أبا حامد وغيره اجتمعوا في زمانهم بكامل من أهل الله وأخبرهم بتنزل الملك على الوليّ لقبلوا ذلك ولم ينكروه. قال: وقد نزل علينا ملك فلله الحمد (٤).

ولا ندري كيف يرد على الغزالي وهو القائل:


(١) ((المواقف الإلهية)) لابن قضيب البان المتوفى ١٠٤٠هـ (ص١٦٠) ملحق بكتاب ((الإنسان الكامل)) لعبد الرحمن البدوي ط وكالة المطبوعات الكويت ١٩٧٦م.
(٢) وسوف نفرد للعصمة كلاما في محله إن شاء الله.
(٣) ((الإبريز)) لعبد العزيز الدباغ (ص١٥١) ط مصر.
(٤) ((اليواقيت والجواهر في بيان عقائد الأكابر)) للشعراني (٢/ ٨٥) ط مصطفى البابي الحلبي القاهرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>