للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(ومن أول الطريق تبتدئ المكاشفات والمشاهدات، حتى أنهم في يقظتهم يشاهدون الملائكة، وأرواح الأنبياء، ويسمعون منهم أصواتا، ويقتبسون منهم فوائد. ثم يرتقي الحال من مشاهدة الصور والأمثال إلى درجات يضيق عنها نطاق النطق (١).

هذا ويقول ابن عربي في كتابه (الجواب المستقيم عما سأل عنه الترمذي الحكيم) زيادة على نزول الملك على الولي ّ: (وليس الأمر كذلك، فقد رآه الأولياء في حال حديثه لهم، فكل قال ما شاهد ... ومشهده صحيح، وهذا كله إذا كان الحديث من الملك والروح (٢).

يعني أن الوليّ ينزل عليه الملك ويحدثه ويشاهده الوليّ ويراه وقت نزوله عليه، وكلامه به.

وبمثل ذلك يقول صوفي قديم آخر نجم الدين الكبري المتوفى ٦١٨ هـ أن الملائكة تنزل على الصوفية (٣).

وبمثل ذلك قال الدباغ، وبعبارة أكثر وضوحا من هذه العبارات: (وأما ما ذكروه في الفرق بين النبي والوليّ من نزول الملك وعدمه فليس بصحيح، لأن المفتوح عليه سواء كان وليا أو نبيا لا بد له أن يشاهد الملائكة بذواتهم على ما هم عليه، ويخاطبهم ويخاطبونه، وكل من قال: إن الوليّ لا يشاهد الملك ولا يكلمه فذاك دليل على أنه غير مفتوح عليه (٤).

ونقل النفزي الرندي عن بعض المشايخ أنه قال: (إن الملائكة تزورني فآنس بها، وتسلم عليّ فأسمع تسليمها (٥).

وليس عامة الملائكة فحسب، بل جبريل أيضا كما ينص على ذلك الشعراني ناقلا عن الشيخ عبد الغفار القوصي أنه قال في كتابه المسمّى بـ (الوحيد): (أنّ الشيخ تاج الدين بن شعبان كان إذا سأله إنسان في حاجة يقول له: اصبر حتى يجيء جبريل (٦).

وبذلك يقول ابن عربي أن القطب ينزل على قلبه الروح الأمين حيث يذكر في كتابه (مواقع النجوم):

(وهذا المقام (أي مقام القطب) وهذه أسراره رفع الحجاب وأشرقت أنواره

وبدا هلال التمّ يسطع نوره للناظرين وزال عنه أسرارهوتنزل الروح الأمين لقلبه يوم العروبة وأنقضت أوطاره (٧).


(١) ((المنقذ من الضلال)) للغزالي (ص١٢٧) المنشور في مجموعة مؤلفات الدكتور عبد الحليم محمود ط دار الكتاب اللبناني بيروت الطبعة الأولى ١٩٧٩ م. أيضا ((المنقذ من الضلال)) (ص٥٠) بنجاب الباكستان.
(٢) ((الجواب المستقيم)) لابن عربي مخطوط ورقة ب ٢٤٦ المندرج في كتاب ((ختم الأولياء)) للحكيم الترمذي (ص٢٢١) ط المطبعة الكاثوليكية بيروت بتحقيق عثمان إسماعيل يحيى.
(٣) انظر ((فوائح الجمال وفواتح الجلال)) لنجم الدين الكبري (ص١٠).
(٤) ((الإبريز)) للدباغ (ص١٥١).
(٥) ((غيث المواهب العلية)) للنفزي الرندي (١/ ٢٦٢).
(٦) ((الأخلاق المتبولية)) للشعراني بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود (١/ ٤٥٤) ط مطبعة حسان القاهرة.
(٧) ((مواقع النجوم)) لابن عربي (ص١٠٢) الطبعة الأولى ١٣٢٥ هـ مطبعة السعادة مصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>