للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغيرها من الأحاديث الكثيرة الكثيرة في هذا المعنى ولكن القوم يقولون عكس ذلك، معرضين عن كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، متبعين غير سبيل المؤمنين، فيقول شيخهم الأكبر متفوها الكفر الصريح: (ويجمع النبوة كلها أم الكتاب، ومفتاحها: بسم الله الرحمن الرحيم. فالنبوة سارية إلى يوم القيامة في الخلق. وإن كان التشريع قد انقطع، فالتشريع جزء من أجزاء النبوة، فإنه يستحيل أن ينقطع خبر الله وأخباره من العالم، إذ لو انقطع لم يبق للعالم غذاء يتغذى به في بقاء وجوده: قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربي ولو جئنا بمثله مددا،: ولو أن ما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله، وقد أخبر الله أنه ما من شيء يريد إيجاده إلا يقول له: كن، فهذه كلمات الله لا تنقطع، وهي النداء العام لجميع الموجودات. فهذا جزء واحد من أجزاء النبوة لا ينفد، فأين أنت من باقي الأجزاء التي لها (١).

فهذه هي عقيدة القوم بلسان قدّيسهم، وفي فتوحاته التي يقولون فيها، وفيه:

فتوحات شيخي غادة مدنية ... كستها نفيسات العلوم ملابسا

فلا عجب لو تشتهيها نفوسنا ... وأبحاثها أبدت إلينا نفائسا

فلله دّر الشيخ أكبر عصره ... بأنفاسه لا زال يحيى المجالسا

وهذه العقيدة هي التي شجعت الكثيرين من المتنبئين والكذابين على الله أن يدّعو النبوة بعد محمد صلوات الله وسلامه عليه، مثل الغلام القادياني الذي استشهد على تنبئه بكلام ابن عربي هذا (٢)، وغيره من الدجاجلة الآخرين، مع تصريح رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون دجالون، كلهم يزعم أنه رسول الله، وأنا خاتم النبيين لا نبي بعدي)) (٣).

ولكن ابن عربي يقول معاكسا لذلك في فتوحاته:

(ويتضمن هذا الباب المسائل التي لا يعلمها إلا الأكابر من عباد الله، الذين هم في زمانهم بمنزلة الأنبياء في زمان النبوة، وهي النبوة العامة. فإن النبوة التي انقطعت بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما هي نبوة التشريع لا مقامها فلا شرع يكون ناسخا لشرعه صلى الله عليه وسلم، ولا يزيد في حكمه شرعا آخر، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((إن الرسالة والنبوة انقطعت، فلا رسول بعدي ولا نبي)) (٤)، أي لا نبيّ بعدي يكون على شرع يكون مخالفا لشرعي، بل إذا كان، يكون تحت حكم شريعتي ... فهذا هو الذي انقطع وسدّ بابه، لا مقام النبوة (٥).

فهل يقول المتنبئون الدجالون الكذابون غير هذا؟

فإنهم لا يلتقطون إلا من موائد الصوفية وخوانها، ولا يستوحون إلا من أمثال شيخهم الأكبر.

ويقول ابن عربي كذلك مجيبا على سؤال الترمذي الملقب بالحكيم: أين مقام الأنبياء من مقام الأولياء؟ يجيب على هذا ويقول:


(١) ((الفتوحات المكية)) لابن عربي (٢/ ٩٠).
(٢) انظر ((جريدة الحكم القاديانية)) الصادرة (١٠ ابريل ١٩٣٠م) المنقول من كتابنا ((القاديانية دراسات وتحليل)) (ص ٢٨٦) الطبعة العشرون ط إدارة ترجمان السنة باكستان.
(٣) رواه أبو داود (٤٣٣٣) بدون الشطر الأخير، ورواه ابن حبان (١٦/ ٢٢٠) (٧٢٣٨) والحاكم (٤/ ٤٩٦) (٨٣٩٠) وقال صحيح على شرط الشيخين
(٤) رواه الترمذي (٢٢٧٢) وقال: حسن غريب من هذا الوجه. وقال الألباني في ((صحيح الترمذي)): إسناده صحيح.
(٥) ((الفتوحات المكية)) لابن عربي (٢/ ٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>