للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويذكر مفسر شيعي آخر وهو علي بن إبراهيم القمي، عن جعفر أنه قال: (إذا كان يوم القيامة يدعى بعليّ أمير المؤمنين عليه السلام ... ثم يدعى بالأئمة ... ثم يدعى بالشيعة، فيقومون أمامهم، ثم يدعى بفاطمة ونسائها من ذريتها وشيعتها، فيدخلون الجنة بغير حساب (١). ومن أراد الاستزادة فليرجع إلى كتابنا (الشيعة وأهل البيت (٢).

وكذلك الشيعة والسنة (٣).

وأما المتصوفة فيقولون بكل هذا، سالكين مسلك هؤلاء الضالة المنحرفين: (وفي النساك قوم يزعمون أن العبادة تبلغ بهم إلى درجة تزول فيها عنهم العبادات، وتكون الأشياء المحظورات على غيرهم من الزنا وغيره مباحات لهم (٤).

وقالوا: إذا وصلت إلى مقام اليقين سقطت عنك العبادة، مؤولين قول الله عز وجل: وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ [الحجر:٩٩] (٥).

ولقد أقر صوفي قديم بوجود هؤلاء المتصوفة ومن هم على منوالهم – وما أكثرهم – فقال:

(وأرتحل عن القلوب حرمة الشريعة، فعدّوا قلة المبالاة بالدين أوثق ذريعة، ورفضوا التمييز بين الحلال والحرام، ودانوا بترك الاحترام، وطرح الاحتشام، واستخفوا بأداء العبادات، واستهانوا بالصوم والصلاة، وركضوا في ميدان الغفلات، وركنوا إلى إتباع الشهوات، وقلة المبالاة بتعاطي المحظورات، والإرتفاق بما يأخذونه من السوقة والنسوان وأصحاب السلطان.

ثم لم يرضوا بما تعاطوه من سوء هذه الأفعال، حتى أشاروا إلى أعلى الحقائق والأحوال، وادعوا أنهم تحرروا من رقّ الأغلال، وتحققوا بحقائق الوصال، وانهم تجري عليهم أحكامه وهم محو، وليس لله عليهم فيما يؤثرونه أو يذرونه عتب ولا لوم، وأنهم كوشفوا بأسرار الأحدية، واختطفوا عنهم بالكلية، وزالت عنهم أحكام البشرية، وبقوا بعد فنائهم عنهم بأنوار الصمدية، والقائل عنهم غيرهم إذا نطقوا، والنائب عنهم سواهم فيما تصرفوا، بل صرفوا. ولما طال الابتلاء فيما نحن فيه من الزمان بما لوّحت ببعضه من هذه القصة، وكنت لا أبسط إلى هذه الغاية لسان الإنكار، غيرة على هذه الطريقة أن يذكر أهلها بسوء أو يجد مخالف لثلبهم مساغا، إذ البلوى في هذه الديار بالمخالفين لهذه الطريقة والمنكرين عليها شديدة (٦).

كما أقرّ بإباحتهم للمحظورات، الطوسي في كتابه:

(زعمت الفرقة الضالة، في الحظر والإباحة، أن الأشياء في الأصل مباحة، وإنما وقع الحظر للتعدي، فإذا لم يقع التعدّي تكون الأشياء على أصلها من الإباحة، وتأولوا قول الله عز وجل: فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا وَعِنَبًا وَقَضْبًا وَزَيْتُونًا وَنَخْلاً وَحَدَائِقَ غُلْبًا وَفَاكِهَةً وَأَبًّا مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلأَنْعَامِكُمْ [عبس:٢٧ - ٣٢].


(١) ((تفسير القمي)) (١/ ١٢٨).
(٢) انظر (ص ٢٣٠) وما بعد الطبعة الثامنة. ط إدارة ترجمان السنة باكستان.
(٣) انظر (ص ٥١، ٥٢) الطبعة الجديدة، الثلاثون. ط إدارة ترجمان السنة لاهور باكستان.
(٤) ((مقالات الإسلاميين)) للأشعري (ص ٢٨٩). ط هلموت ريتز الطبعة الثالثة فرانزستايز ١٩٨٠ م.
(٥) ((اتحاف السادة)) للزبيدي (٨/ ٢٧٨) المنقول من كتاب ((نشأة الفلسفة الصوفية وتطورها)) للدكتور عرفان عبد الحميد (ص ٧٤). ط المكتب الإسلامي بيروت ١٩٧٤ م.
(٦) ((الرسالة القشيرية)) (١/ ٢٢، ٢٣، ٢٤)، بتحقيق الدكتور عبد الحليم محمود.

<<  <  ج: ص:  >  >>