للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأمر الأول: أن الهداية قد جاءت لإبراهيم بن أدهم من هاتف هتف به ولا أريد مناقشة هذه الدعوى لإثبات صحتها أو بطلانها لأن الذي أوردها صوفي له مكانته العالية في الأوساط الصوفية ولكن الذي أريده هو أنني أقول إن هذا الطريق الذي سلكه إبراهيم بن أدهم طالبا للهادية يختلف تماما عن الطريق الذي رسمه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطلب الهداية.

فالهداية دائما إنما تطلب بالعودة إلى تلاوة كتاب الله وفهم معانيه والاهتمام بدراسة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يمكن أن تكون الهواتف عندنا طريقا للهداية لأن الهواتف أنواع شتى فقد يكون الهاتف شيطانا ويأمره بشيء فيضل الطريق ولذا فالأحلام والرؤى والمنامات والهتافات أو الهواتف لا وزن لها في الشريعة الإسلامية فضلا عن أن تكون أسبابا للهداية.

الأمر الثاني: أقول إن خروج إبراهيم عن وطنه وتركه لماله وأهله وخلق ثيابه وبعده عن الدنيا كلها ليس من الإسلام في شيء لأن الإسلام لا يأمر المسلم أن يهاجر عن وطنه إلا إذا اضطهد فيه وأصبح لا يتمكن من أداء الشعائر الإسلامية فحينئذ تجب الهجرة وخراسان بلد إبراهيم لم تكن كذلك.

الأمر الثالث: ثم إن ادعاء بن أدهم بأنه لقي داود عليه السلام وعلمه اسم الله الأعظم. أولا وقبل كل شيء ما الذي دعا دواد عليه السلام للعودة إلى الدنيا مرة أخرى ليعلم فردا من أفراد أمة محمد صلى الله عليه وسلم اسم الله الأعظم مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لعمر: ((والله لو كان موسى حيا لما وسعه إلا أن يتبعني)) (١).فكذلك داود لو عاد حيا لم يسعه إلا اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم ولا يجوز له أن يقوم بتعليم الناس شيئا يعلمه لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علت حد زعم المتصوفة وإلا فاسم الله الأعظم ليس مجهولا حتى يأتي داود ويخرج من قبره ليعلمنا إياه بل هو معروف من ملة محمد صلى الله عليه وسلم فقد ورد في الحديث الصحيح: ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يدعو قائلا: اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحدا. فقال صلى الله عليه وسلم: قد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعي به أجاب)) (٢).


(١) رواه أحمد (٣/ ٣٨٧) (١٥١٩٥) وابن أبي شيبة في ((المصنف)) (٢٦٤٢١) والبيهقي في ((الشعب)) (١/ ٣٤٧) (١٧٥) قال ابن كثير في ((البداية والنهارية)) (٢/ ١٢٢) إسناده على شرط مسلم، قال ابن حجر في ((الفتح)) (١٣/ ٣٤٥) رجاله موثقون إلا أن مجالدا فيه ضعف، وحسنه الألباني في ((الإرواء)) (١٥٨٩)
(٢) رواه أبو داود (١٤٩٣) والترمذي (٣٤٧٥) وابن ماجه (٣٨٥٧) وابن حبان (٣/ ١٧٣) (٨٩١) والحاكم (١/ ٦٨٣) (١٨٥٨) قال الترمذي حسن غريب، وقال الحاكم صحيح على شرطهما، وصححه الألباني

<<  <  ج: ص:  >  >>