للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- المعتدلة: وأبرزهم الزيدية الصالحية والسليمانية في فارس والعراق واليمن، وكذلك شيعة جبل عامل في جنوب لبنان، والحلة وما حولها في العراق، وفي جيوب صغيرة في فارس والشام.

والشيعة المعتدلة هؤلاء كانوا يحترمون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم، لكنهم يفضلون علي بن أبي طالب، ويرونه أحق بالخلافة من أبي بكر وعمر وعثمان، ويشتمون الأمويين، وخاصة يزيد بن معاوية، ويرون أن الخلافة يجب أن تكون في العلويين، وأن العباسيين مغتصبون لها، وكانوا يتبعون المذاهب السنية في الفقه.

جاء القرن الثامن والتاسع، والمسلمون (ويهمنا هنا البلاد التي اجتاحها المغول) على هذه الحال، ومن البدهي أن يظهر في الشيعة متصوفة، حيث عمل مثقفوهم على الجمع بين التصوف والتشيع، ساعدتهم طبيعة الصوفية بما فيها من باطنية وادعاء النسب لآل البيت، وزعم التسلسل الذي يوصلونه إلى علي بن أبي طالب عن طريق الأئمة الاثني عشر، لكنهم كانوا يبثون عقائدهم هذه بصورة محدودة بين خواصهم وبعض غيرهم، كما ألف بعضهم كتباً في هذا الشأن، أي أنهم لم يؤسسوا طرقاً صوفية ويحاولوا تشييعها، بل اكتفوا بما كانوا يلقونه من دروس ومواعظ ومناقشات، أو بما كانوا يؤلفون من الكتب، منهم: آل طاوُس: الذين بقيت نقابة الأشراف فيهم عشرات السنين، وكانوا يعدون أولياء ذوي كرامات أحياءً وأمواتاً، حتى لقد صار قبر السيد أحمد بن طاوُس مزاراً مشهوراً، وحتى تحرج العامة والخاصة عن الحلف به كذباً خوفاً (١). وأهمهم.

- نقيب الأشراف رضي الدين علي بن طاوُس، توفي سنة (٦٤٤هـ)، قبل دخول التتار إلى بغداد.

- وبعده نقيب الأشراف جمال الدين محمد بن طاوُس، توفي بعد سنة (٦٧٢هـ) بقليل.

- وبعده غياث الدين عبد الكريم بن أحمد بن طاوُس، توفي سنة (٦٩٣هـ).

ومن غير آل طاوس:

- كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني مات سنة (٦٧٩هـ).- عز الدين، أبو الفضل عامر بن عامر البصري، من أحياء العقود الأولى من القرن الثامن، نظم قصيدة سماها (ذات الأنوار)، عدد أبياتها (٥٠٧) بيت، وعدد فصولها (١٢) فصلاً، نظمها سنة (٧٠٥هـ)، (لنلاحظ أن ٥+٧=١٢ وهو عدد الأئمة الإثني عشرية) (٢)، وقصيدته هذه التي مطلعها:

تجلى لي المحبوب في كل وجهة ... فشاهدته في كل معنى وصورة

هي التي يعزو عبد الوهاب الشعراني في طبقاته أبياتها الأوائل إلى إبراهيم الدسوقي، وتوحي هذه القصيدة بأن عامر بن عامر إسماعيلي، تصوف في الطريقة البكطاشية، فصار اثني عشرياً إسماعيلياً.

- الحسن بن يوسف بن مطهر الحلي، تلميذ نصير الدين الطوسي، صاحب كتاب (منهاج الكرامة)، الذي نقضه ابن تيمية في كتابه (منهاج السنة)، مات ابن المطهر سنة (٧٢٧هـ)، وقد تشيع به جماعات كثيرة.

وهناك غيرهم أعداد.

هؤلاء أوجدوا هنا وهناك بؤراً شيعية جديدة أضيفت إلى القديمة، وفي هذه البؤر وجد مشايخ الطرق المتشيعون الذين جاءوا فيما بعد دعاة، كانوا عوامل، إلى جانب الشيخ، في إقناع الأتباع بالتشيع.

ثم جاءت الطرق لتكون العامل الحاسم في تشييع فارس وبعض العراق، وقبل إلقاء نظرة سريعة على أبرزها، نعود لإلقاء نظرة ثانية، وسريعة أيضاً، على مدى سيطرة الصوفية على المجتمعات في ذلك الوقت:

مما يقرره أبو الحسن الندوي ناقلاً، يقول:

وآخرون قد جعلوا الميت بمنزلة الإله والشيخ الحي المتعلق به كالنبي، فمن الميت يطلب قضاء الحاجات وكشف الكربات، وأما الحي فالحلال ما حلله والحرام ما حرمه ...


(١) ((الفكر الشيعي والنزعات الصوفية))، (ص:١١٣).
(٢) أشار إلى هذه الملاحظه مؤلف ((الفكر الشيعي والنزعات الصوفية)).

<<  <  ج: ص:  >  >>