للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبدهي أن يتبع الأتباع شيخهم بالتشيع، لأن المريد يجب أن يكون بين يدي الشيخ كالميت بين يدي الغاسل. وطبعاً، كان الجهل أكبر مساعد. ومما يجدر ذكره أن علم الحروف، رغم كونه من مستلزمات الكهانة أو (الصوفية؛ لا فرق) في جميع حالاتها، إلا أنه كان مقتصراً على الشيوخ والعارفين، حتى جاءت الحروفية فعممته، وصار علم الحروف (السحر) حرفة ووسيلة لتسخير الطبيعة، بقطع النظر عن كون المستخدم لها براً أو فاجراً، وانشغل الصوفية (وغيرهم) به لرسم الهياكل والطلاسم (١) ... والمحبة والقبول والشفاء من الأمراض وغيرها ...

ورغم أن الطريقة الحروفية اندثرت باندماجها في البكطاشية فيما بعد؛ إلا أنها تركت أثرها الحروفي في كل الطرق، وبالتالي في الأمة جمعاء، إلا من رحم ربك، وهكذا صار علم الحروف (السحر) من المظاهر البارزة في ثقافة الأمة جمعاء، إلى جانب القبوريات وخوارق المشايخ وتغريبة بني هلال وقصة سيف بن ذي يزن، وكذلك ظهر أثرها بعد زمن في الشيخية، ثم في البابية والبهائية.

الهمدانية:

مؤسسها علي بن الشهاب الهمداني، شيعي فارسي تخرج بالكبروية، وكان أكثر مريديه من السنة الذين تشيعوا اتباعاً لشيخهم، وكان الجهل أكبر مساعد، مات علي الهمداني سنة (٧٨٦هـ)، وسار خلفاؤه على نهجه بتشييع أتباعهم على النفس الطويل، وفي الهمدانية تخرج نور بخش. في هذه العقود -أي: النصف الثاني من القرن الثامن- ظهر أيضاً كتاب من الشيعة المتصوفة دعوا إلى الجمع بين التصوف والتشيع، لعل أشهرهم: بهاء الدين، حيدر بن علي العبيدي الآملي، مات بعد سنة (٧٩٤هـ)، له كتاب كان مشهوراً، اسمه (جامع الأسرار ومنبع الأنوار في أن عقائد الصوفية موافقة لمذهب الإمامية الإثني عشرية)، وله كتاب في التصوف اسمه: (نص النصوص في شرح الفصوص)، أي: شرح (فصوص الحكم لابن عربي. وبهاء الدين هذا من أتباع الطريقة الأكبرية العربية الحاتمية (٢).


(١) ((الفكر الشيعي والنزعات الصوفية))، (ص:١٩٧).
(٢) ((الصوفية بين الأمس واليوم))، (ص:١٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>