للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو استغل دعاة الإسلام وفقهاء السنة هذا الظرف، وانتشروا بين الشيعة يدعون إلى طريق الحق، لتركوا آثاراً ظاهرة قد تكون سبباً في تغيير تاريخ الأمة الإسلامية. وهكذا كانت الصوفية وراء أكبر شرخ في جسم الأمة، وكذلك كانت وراء الفرق الأخرى التي منها:

القزلباشية:-يصفها أحمد حامد الصراف كما يلي: القزلباشية فرقة دينية منتشرة في بر الأناضول، وهي تعتبر شيعية المذهب في نظر المسلمين، وهي تقارب كل المقاربة نصيرية سورية، وهم يسمون أنفسهم (العلوية) ... وهم يخالفون المسلمين بأمور منها: أنهم لا يحلقون رءوسهم ... ولا يصلون الصلوات الخمس، ولا يتوضئون، ويكرعون الخمر، ولا يحافظون على صوم شهر رمضان، ويصومون اثني عشر يوماً من الأيام الأولى من المحرم، ويندبون الحسن والحسين ... وعندهم أن علياً تجسد فيه الإله (١) ... ويقول عنهم أيضاً: القزلباشية في بدء نشأتها كانت تسمى (الصفوية) نسبة إلى قطب الأقطاب صفي الدين إسحاق الأردبيلي ... وهو الجد السادس للشاه إسماعيل الصفوي (٢) ... اهـ.

وقد رأينا قبل قليل كيف تم التحول من الصفوية إلى القزلباشية، ولها وجود في أفغانستان أيضاً.

الروشنائية:-

نسبة إلى (بير روش)، أي: الشيخ المنوّر، بايزيد بن عبد الله، ولد عام (٩٣١هـ)، يقول المترجمون له: صحب اليوغيين، وبدأ يرى رؤى ويسمع أصواتاً تناديه من وراء الغيب، فاشتغل بالذكر الخفي، ثم استغرق في ورد الاسم الأعظم، فلما بلغ الحادية والأربعين من عمره هتف به هاتف من السماء، أنه لم يعد في حاجة إلى الطهارة الشرعية، وينبغي له أن يصلي صلاة الأنبياء بدل صلاة المسلمين ... وانصرف إلى الرياضة الأربعينية ... وتعاليمه التي وردت في كتابه (صراط التوحيد) يظهر عليها أثر التعاليم الصوفية الغالية. مات بير روش سنة (٩٨٠هـ) بعد أن انتشرت طريقته أو (فرقته) انتشاراً واسعاً في الهند، ثم أخذت تتقلص بعده حتى انقرضت (٣) لننتبه أن كلمة (روش) تحمل نفس معنى كلمة (بوذا) أي: المستنير. وكان وأتباعه يصرحون بوحدة الوجود (أي: من أهل الوحدة المطلقة).

المهدوية:-

مؤسسها محمد بن يوسف الجونبوري الذي نشأ في أواخر المائة التاسعة ببلدة جونبور في الهند، وادعى أنه المهدي، وكان أزهد الناس وأورعهم.

من معتقدات المهدوية أن السيد محمد بن يوسف الجونبوري، مهدي موعود، وأنه أفضل من أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، بل إنه أفضل من آدم ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى على نبينا وعليهم السلام، وأنه مساوٍ لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في المنزلة، وإن كان تابعاً له في المذهب، وأنه ومحمد صلى الله عليه وسلم كلاهما مسلم كامل وسائر الأنبياء ناقصو الإسلام، وأنه شريك في بعض الصفات الإلهية، بعد فوزه بمنصب الرسالة والنبوة ...

انتشر هذا المذهب في غجرات والدكن من بلاد الهند، ومما وصف به هذا المهدي: إنه كان صاحب المقامات العالية، ذا كشوف وكرامات.

ومن أقوال المنتقدين له: إنه كان كذلك، ولكنه أخطأ في دعواه لوقوع الخطأ في الكشف. ومن أقوال أحد علمائهم وهو الشيخ غلاب بن عبد الله المهدوي: إن للمهدوية أصولاً وفروعاً، الأول منها التوبة ... والعمل الصالح و .. ودوام الذكر على طريقة حفظ الأنفاس ... (٤) ... اهـ.


(١) ((الشبك))، (ص:٢٤٣).
(٢) ((الشبك))، (ص:٤٨).
(٣) ((الإمام السرهندي))، (ص:٤٢)، وما بعدها.
(٤) ((الثقافة الإسلامية في الهند))، (ص:٢٢٣، ٢٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>