للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - فإذا قيل: هل الصفات هي الموصوف أو غيره؟ قيل: إن أريد بالغير الأول، وهو ما جز مفارقة أحدهما الآخر، فليست الصفة غير الموصوف، وإن أريد بالغير المعنى الثاني – وهو ما جاز العلم بأحدهما دون الآخر – فالصفة غير الموصوف.

فمن قال: عن الصفة هي الموصوف، قاصدا بذلك أنها ليست غيره بالمعنى الأول للفظ الغير، فقوله صحيح، وكذا إن قال: الصفة غير الموصوف قاصدا بالغير المعنى الثاني فكلامه صحيح أيضا. وعكس الأمرين باطل، والسلف يقولون بهذا التفصيل، ومن المعلوم أن الموصوف لا تنفك عنه صفاته.

٢ - وإذا قيل: هل الصفات زائدة على الدليل، أو هل الصفات هي الذات أو غيرها؟ قالوا: إن أريد بالذات المجردة التي يقر بها نفاة الصفات فالصفات زائدة عليها، وهي غير الذات، وإن أريد بالذات الذات الموجودة في الخارج فتلك لا تكون موجودة إلا بصفاتها اللازمة والصفات ليست زائدة على الذات، ولا غيرها بهذا المعنى. ومن ذلك يتضح خطأ وصواب من أطلق القول بأن الصفات غير الذات أو هي الذات (١)، على حسب ما لفظ الغير، والذات من الإجمال. وبذلك يتبين أرجحية مذهب السلف حين لم يطلقوا الأمرين في ذلك، بل فصلوا واستفصلوا عن المرادن فإن كان حقا قبلوا وإن كان باطلا ردوه (٢).

المصدر:موقف ابن تيمية من الأشاعرة لعبد الرحمن المحمود – ٣/ ١٠٩٠


(١) لشيخ الإسلام ملاحظة دقيقة هنا، وهي أنه يجب أن يفرق بين قول القائل: إن الصفات غير الذات وقوله: إنها غير الله، لأن لفظ "الذات" يشعر بمغايرته للصفة، بخلاف اسم "الله" تعالى فإنه متضمن لصفات كماله، وعلى ذلك فإنه لا يقال: إن الصفات غير الله، لما في ذلك من الإيهام. أما القول إنها غير الذات فقد يكون صحيحا، لما في التعبير بالذات من الإشعار بأن المقصود الذات المجردة دون صفاتها. انظر: ((الجواب الصحيح)) (٣/ ٣٠٨)، و ((الصفدية)) (١/ ١٠٨ - ١٠٩) و ((درء التعارض)) (١٠/ ٧٢).
(٢) انظر في هذه المسألة: ((التسعينية)) (ص: ١٠٨ - ١٠٩)، و ((الدرء)) (٢/ ٢٣٠ - ٢٣١، ٣/ ٢٠ - ٢٥، ٥/ ٣٧ - ٥٠، ٣٣٨، ٩/ ١٣٦، ١٠/ ١٢٠، ٢٣١، ٢٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>